للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن كثيراً من اليهود لم يتقبلوا اختفاء القبائل العشر باعتباره حقيقة نهائية، بل فضلوا اعتبارهم من المفقودين وحسب. ولذا، فإننا نجد أن التراث الديني اليهودي، وأدبيات هذا التراث، يزخران بتصورات عديدة عن محل إقامتهم المحتمل ووجودهم، كما يزخران بنبوءات عن عودتهم إلى وطنهم ليتحدوا مع بقية اليهود. وقد ربطت هذه النبوءات بين العودة وزمن الخلاص، وأصبح البحث الحرفي والفعلي عن القبائل العشر الضائعة محطَّ اهتمام كثير من الرحالة الأوربيين من اليهود والمسيحيين المتأثرين بمثل هذه الكتابات والذين تأثروا بجو التوسع الاستعماري. وحينما اكتُشفت القارتان الأمريكيتان، قيل آنئذ إن سكانها هم القبائل العشر. أما في العصر الحديث، فقد أعلن الرحالة الذين عثروا على قبائل الفلاشاه اليهودية في إثيوبيا أنهم عثروا على القبائل العشر المفقودة، وقد أفتى حاخام إسرائيل الأكبر (السفاردي) بأن الفلاشاه من نسل قبيلة دان.

والمهم في هذه الأسطورة أنها، في بنيتها، لا تختلف كثيراً عن أسطورة الماشيَّح في تفسيرها الحرفي، إذ تُلغي الواقع التاريخي وحقائقه وتجعل المؤمن بها في حالة انتظار أزلي لتحقُّق تصورات أسطورية، الأمر الذي يجعل عيون الإنسان معلقة بالبدايات والنهايات دون أن يُلاحظ ما حوله. هذا بالإضافة إلى أن أسطورة القبائل العشر المفقودة تستند إلى تَصوُّر استحالة الاندماج والانصهار بالنسبة إلى اليهود.

جداليا (؟ -٥٨٥ ق. م)

Gedaliah

<<  <  ج: ص:  >  >>