للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان لليهود دور كبير في خروج الأحزاب وفي غزوة الخندق. فبدأوا يهيجون ضد المسلمين واستجابت لهم جماعات (أحزاب) كثيرة فزحفت على المدينة. فحفر المسلمون خندقاً وضُرب الحصار على المدينة لمدة شهر. وخلال ذلك كان زعيم بني النضير، حييّ بن أخطب يُحرض كل قبائل العرب الذين كانوا ما يزالون على وثنيتهم ضد مُحمّد وأصحابه، وسعى جاهداً إلى أن يجعلها حرباً عامة تضم سكان شبه الجزيرة العربية من الوثنيين واليهود المنافقين في المدينة لاستئصال شأفة الإسلام؛ فقدم إلى قريش في مكة وذكَّرها بقتلى بدر وضياع سيادتها على الطريق التجاري إلى الشام إذا ازدادت قوة المسلمين في المدينة. وسألت قريش وفد اليهود «يا معشر يهود، إنكم أهل الكتاب الأول وأهل العلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومُحمّد، أفديننا خيرٌ أم دينه؟» وأعماهم الحقد فأجابوا «بل دينكم خيرٌ من دينه وأنتم أولى بالحق منه» !

والقرآن الكريم يشير إلى ذلك في آيات صريحة جاء فيها: «ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا. أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا» (النساء ٥١ ـ ٥٢) .

هكذا أثار اليهود من جديد ثائرة قريش ضد المسلمين، وفعلوا ذلك أيضاً مع قبائل غطفان من قيس عيلان ومن بني مُرة ومن بني فزارة ومن أشجع ومن سليم ومن بني سعد ومن أسد وغيرهم. وأتم ذلك كله حيي بن أخطب بإغراء يهود بني قريظة بالدخول في هذا الحلف مع الأحزاب، ونقض عهدها مع الرسول، وعلى الرغم من أن زعيمهم كعب بن أسد تردد في أول الأمر، إلا أن حيي بن أخطب ما زال به حتى انضم لقريش وحُلفائها من يهود ووثنيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>