للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تدهور وضع اليهود بتدهور وضعهم في العالم الإسلامي ككل، وهو تدهور نجم عن انقسام العالم الإسلامي (في العصر العباسي الثاني وبعده) إلى دويلات وإمارات مختلفة، الأمر الذي أدَّى إلى انقسام اليهود أنفسهم. وقد تدهور حال الطبقة الوسطى في العالم الإسلامي ككل بعد أن توقفت الثورة التجارية وتآكلت نتيجة ظهور الجمهوريات البحرية الإيطالية التي أخذت تتحكم في التجارة الدولية. وقد نجم عن ذلك أن المصدر الأساسي للعوائد في الدولة أصبح متمثلاً في الضرائب والمكوس، وهو ما جعل الجزية أمراً مهماً للغاية تسعى الدولة إلى تحصيلها بشتى السبل.

وقد ازداد التراجع الإسلامي بعد الهجوم المسيحي المتمثل في حروب الفرنجة ثم الهجوم على الأندلس وصقلية، وهو هجوم صاحبه تنكيل بالجماعات الإسلامية التي وقعت تحت حكم المسيحيين. ثم كان هناك الغزو المغولي عام ١٢٥٨ الذي أدَّى إلى الكارثة التي حاقت بالعالم الإسلامي وأجهضت كثيراً من إمكاناته. وقد تحسنت أحوال اليهود والمسيحيين تحت حكم المغول الذين كانوا وثنيين يضمون عناصر مسيحية وتعاونوا مع الذميين كعادة الغزاة. لكن استمرار تدهور العالم الإسلامي وتدهور الجماعات اليهودية فيه امتد حتى الفتح العثماني. ويُلاحَظ أنه، في القرن الثالث عشر الميلادي، كانت أغلبية اليهود، ولأول مرة في التاريخ، تعيش في أوربا (وضمن ذلك إسبانيا) وليس في الشرق الأدنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>