ويتميَّز يهود الدولة العثمانية بانتمائهم لها. فأثناء الفتح العثماني لآسيا الصغرى وبعض أنحاء أوربا تعاون يهود بورصة (١٣٥٤) وأدرنة والقسطنطينية (١٤٣٣) وبودا (١٥٢٦) ورودسي وأذربيجان وبلجراد (١٥٤٣) مع القوات العثمانية الفاتحة. رحبت الدولة العثمانية بالمهاجرين من أعضاء الجماعات اليهودية فهاجرت أعداد كبيرة منهم وأصبحوا عثمانيين بمحض إرادتهم، أي أنهم هاجروا إليها واستوطنوا فيها وجعلوها وطنهم الوحيد واندمجوا في الحضارة الإسلامية. ولم تضم الدولة العثمانية عبر تاريخها سوى أقلية من يهود العالم إذ أن مركز اليهود السكاني كان قد انتقل إلى أوربا ابتداءً من القرن الرابع عشر الميلادي. وفي القرن التاسع عشر الميلادي، بلغ عدد اليهود في الدولة العثمانية، ثلاثمائة ألف، أي أقلية صغيرة للغاية بالقياس إلى يهود العالم الغربي الذين كانوا على عتبات الانفجار السكاني (حيث زاد عددهم إلى عشرة ملايين مع أواخر القرن التاسع عشر الميلادي) ، وهو انفجار لم يكن له ما يناظره في الدولة العثمانية.
وقد رحب العثمانيون من جانبهم بالهجرة اليهودية من أوربا، فقد كتب الحاخام إسحق تسارفاتي عام ١٤٧٩ إلى يهود ألمانيا والمجر لحثهم على الهجرة إلى الدولة العثمانية. وكان العثمانيون يرون أن العنصر اليهودي عنصر بشري مهم للإمبراطورية نظراً لخبرته المالية والعلمية ومعرفته باللغات الأجنبية، إلى جانب أنه يشكل كثافة بشرية كانت الإمبراطورية في أمس الحاجة إليها.