وقد اتسمت العلاقة بين أعضاء الجماعة اليهودية والنخبة الحاكمة بكثير من الانسجام والتفاهم لأن العنصر اليهودي كان مكمِّلاً لنشاطات أعضاء النخبة الحاكمة لا متناقضاً معها، على عكس الوضع في كثير من بلاد أوربا. فأعضاء النخبة كانوا يشغلون الوظائف العسكرية والدينية والإدارية العليا وكانوا يديرون بعض المشاريع الاقتصادية الكبرى مثل النقل البحري والتجارة الدولية، وهي نشاطات مهنية واقتصادية لم يكن يطمح اليهود إلى الاضطلاع بها. كما أن أغلبية اليهود استوطنوا في الدولة العثمانية بعد أن كانت النخبة الحاكمة قد سيطرت على ناصية الأمور وعلى الهيكل الاقتصادي، وهم في هذا يشبهون يهود إنجلترا وفرنسا وهولندا عند استيطانهم ابتداءً من القرن السابع عشر الميلادي. كما يُلاحَظ أنه لم يكن يُوجَد تناقض بين السلطات من جهة والنبلاء وسكان المدن من جهة أخرى، كما كان الحال في أوربا. وهو التناقض الذي سقط اليهود ضحية له في أغلب الأحيان، إذ كان الملك يستخدم اليهود لصالحه كأداة لجمع الضرائب ولتقويض نفوذ المدن غير الملكية والنبلاء. أما في الدولة العثمانية، فقد كان اليهود أداة في يد جهاز الدولة ونخبتها الحاكمة ككل. ويمكن القول بأن يهود الدولة العثمانية ككل قد اندمجوا في سكانها. وحينما انتشرت دعوة شبتاي تسفي (١٦٦٥) ، تصدَّى لها حاخامات الإمبراطورية وساهموا في الحرب ضدها، وظهر يهود الدونمه في أعقاب إخفاق دعوة تسفي واعتناقه الإسلام. وقد أصبحت صفد مركزاً للدراسات اليهودية إذ استوطن فيها جوزيف كارو، وفيها وضع مؤلفه المشهور الشولحان عاروخ، كما أصبحت صفد مركزاً للدراسات القبَّالية وبخاصة القبَّالاه اللوريانية.