ويُلاحَظ تَركُّز أعضاء الجماعات اليهودية في المدن بسبب اشتغالهم بالمهن وتركزهم في قطاعات اقتصادية بعينها. فيهود العراق الذين بلغ عددهم ١١٨.٠٠٠عام ١٩٤٧ تَركَّز منهم في بغداد ٧٧.٥٤٢. كما كانت تُوجَد نسبة مرتفعة منهم في البصرة والموصل، أي أن معظم يهود العراق كانوا من سكان المدن، مع العلم بأن هذا يستبعد يهود كردستان البالغ عددهم ١٨ ألفاً. والوضع نفسه ينطبق على مصر، ففي إحصاء ١٩٣٧ بلغ عدد يهود مصر ٦٣.٥٥٠ كانت تعيش أغلبيتهم (٥٩ ألفاً) في القاهرة والإسكندرية، منهم ٣٤.١٠٣ في الأولى و٢٤.٢٩٠ في الثانية. وبقيتهم موزعة على مدن صغيرة مثل المنصورة وطنطا ودمنهور. وفي عام ١٩٤٧، كان ٩٦% من يهود مصر في القاهرة والإسكندرية. أما في المغرب، فيعيش ٨٠% من اليهود في مراكز حضرية مثل الدار البيضاء والباقون موزعون على مدن أخرى مثل مراكش وفاس.
وقد أخذت الجماعات اليهودية في العالم العربي في الاختفاء بعد عام ١٩٥٠ حتى لم يبق سوى بضع مئات في بلد مثل مصر والعراق وعدة آلاف في المغرب، وذلك للأسباب التالية:
١ ـ ظهور الاقتصاد الوطني الذي ضيَّق الخناق على العناصر الأجنبية، وكانت نسبة كبيرة من أعضاء الجماعات اليهودية لا تحمل جنسية عربية، وخصوصاً أن الاقتصاد الوطني الجديد تلعب الدولة فيه دوراً كبيراً.
٢ ـ ظهور طبقة تجارية ومالية وطنية بدأت تلعب دوراً اقتصادياً نشيطاً وشكلت منافسة قوية وخطيرة للعناصر التي كانت مهيمنة من قبل، كما أن ظهور الدول القومية لعب دوراً مماثلاً.
٣ ـ ظهور الدولة الصهيونية بما خلقته من مشاكل خاصة بولاء يهود البلاد العربية، وهجرة أعداد كبيرة منهم إلى العالم الغربي وإسرائيل.
ويصل عدد يهود البلاد العربية حسب إحصاء عام ١٩٨٦ إلى ٢٦.٩٠٠، أما عام ١٩٩٢ فيصل عددهم إلى ١٣.٢٠٠على النحو التالي: