ولكن، ورغم عدم التمايز الواضح بينهم وبين أعضاء المجتمع ككل، نجد أن المجتمع، بحكم تركيبه، يضع قيوداً على أعضاء الأقليات مقارنةً بأعضاء الأغلبية، كما أنه يتيح أمامهم فرصاً ليست متاحة لأعضاء الأغلبية. ومن هنا تركُّز اليهود بنسبة تفوق نسبة عددهم إلى عدد السكان في الأعمال التجارية والمالية، فكان منهم صغار التجار والباعة الجائلون والمرابون. كما كان منهم أيضاً كبار التجار وتجار الجملة وأصحاب شركات العقارات والمشتغلون بالتجارة الدولية (التصدير والاستيراد) ووكلاء الشركات التجارية الأجنبية وشركات التأمين وقطاع الخدمات. كما أن سوق الأوراق المالية كانت تضم عدداً كبيراً من السماسرة اليهود. وتَركَّز أعضاء الجماعات اليهودية في صناعات قريبة من المستهلك (الصناعات الزراعية والقطاع المصرفي) أي أنهم لم يكونوا جزءاً من القطاع الأول في الاقتصاد (الصناعات الثقيلة والزراعة) فيما يُسمَّى «قاعدة الهرم الإنتاجي» . وهذا يعني أنهم كانوا جماعة وظيفية. ولعبت مدارس الأليانس دوراً أساسياً في تزويد أعضاء الجماعة اليهودية بالكفاءات اللازمة للتعامل مع الشركات الأجنبية والاقتصاد الاستعماري الجديد وفي صبغهم بالصبغة الغربية (الفرنسية) ، أي أنها عمقت هويتهم كجماعة وظيفية.