للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أهم آثار فكرة الشعب الشاهد أنها وضعت اليهود، من الناحية المعنوية والأخلاقية، على حدود التاريخ الغربي والتشكيل الحضاري الغربي، وعمقت حدوديتهم وهامشيتهم بحيث يمكن القول بأن فكرة الشعب الشاهد الكاثوليكي هي المقابل الديني لمفهوم أقنان البلاط الطبقي الذي حدد وضع اليهود كجماعة وظيفية وسيطة. ويُلاحَظ أن فكرة الشعب الشاهد تؤكد ضرورة الحفاظ على اليهود كأداة وعنصر غريب لا جذور له في الحضارة الغربية، وذلك ليخدموا غرضاً أو هدفاً غير يهودي. وتعمَّق هذا الإطار الفكري فيما بعد في الفكر البروتستانتي الخاص بالعقيدة الألفية وعقيدة الخلاص الاسترجاعية التي ترى أن اليهود أداة من أدوات الخلاص، وتمت علمنة المفهوم فيما بعد فتحوَّل إلى ما نسميه «الشعب العضوي المنبوذ» ، أي أن اليهود يشكلون شعباً عضوياً منبوذاً لا مكان له داخل الحضارة الغربية، وهو المفهوم الذي يشكل إطار التصور الغربي للجماعات اليهودية منذ أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وهو الأساس الفكري لكل من الصهيونية ونزعة معاداة اليهود. ويُلاحَظ أن وعد بلفور ينطلق من تَصوُّر مشابه لفكرة الشعب الشاهد، فبلفور يرفض الوجود اليهودي داخل الحضارة الغربية ولكن لم يكن لديه مانع من أن يرعاه مادام موجوداً خارجها وعلى حدودها في فلسطين.

المواثيق والمزايا والحماية

Charters, Priviliges and Protection

<<  <  ج: ص:  >  >>