ويمكن القول بأن المجتمع الإقطاعي عامة، وبالذات في الغرب، ذو طبيعة مغلقة، لكل فرد فيه مكانه ومكانته سواء كان فلاحاً أو نبيلاً. وكان المجتمع مبنياً على الفصل بين الطبقات والاحتفاظ بمسافة اجتماعية واضحة بينها. وكان هذا الفصل من سمات التنظيم الاجتماعي المعمول به في مجتمعات العصور الوسطى الزراعية والإقطاعية في الغرب والمجتمعات التقليدية على وجه العموم. ويظهر هذا الفصل الواضح في عدم السماح للغرباء بالبقاء في المدن لأية مدة، حيث كان يتعيَّن عليهم دفع ضريبة كبيرة للحصول على حق البقاء المؤقت. وفي داخل المدينة نفسها، كان أعضاء كل مهنة أو حرفة يعيشون في أحياء مقصورة عليهم. والفصل هنا شكل من أشكال تقسيم العمل، علماً بأن معظم المهن والحرف كانت تورَّث في نفس العائلة. وهذا تأكيد للمسافة الاجتماعية اللازمة لأداء النسق وضمان أن يظل الاحتكاك بين الطبقات والأقليات والجماعات الإثنية المختلفة عند حد معقول يضمن تحاشي التفجرات بينها. كما كان وسيلة من وسائل الإدارة في غياب نظام إداري مركزي قوي. ولعل بعض هذه السمات هي التي سمحت باستمرار الجيتو حتى العصر الحديث في مدينة مثل نيويورك حيث يُوجَد حي للزنوج (هارلم) وحي للصينيين (تشاينا تاون) وحي للعرب في بروكلين وأحياء اليهود المختلفة في بروكلين وغيرها. كما توجد مناطق يُطلَق عليها «ليتل إيتالي» أي «إيطاليا الصغيرة» و «ليتل بولاند» أي «بولندا الصغيرة» ، وهكذا.