بطرد اليهود من الولايات البابوية، باستثناء مدن معيَّنة صرِّح فيها بإقامة جيتوات. وأقيم جيتو روما عام ١٥٥٥. وفُرض الحظر أيضاً على اليهود في جنوب فرنسا بالولايات الواقعة تحت حكم البابا، وفُرضت القيود عليهم عام ١٣٤٤، ثم ظهرت الجيتوات عام ١٤٦١. وكانت تُوجَد أهم جيتوات أوربا في فرانكفورت والبندقية وروما، وفي لوبلين وبوزنان في بولندا.
وأخذت هذه العزلة في الانحسار التدريجي ابتداءً من القرن السابع عشر الميلادي مع الثورة المركنتالية ووصول اليهود السفارد الذين احتاجت إليهم الدول التجارية، مثل: هولندا وإنجلترا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال. وتَمثَّل هذا في تَحوُّل موازين القوى داخل الجيتو لصالح الطبقة المالية التي حلت محل الأرستقراطية الحاخامية. وبدأت هذه الدول جميعاً في تخفيف حدة القوانين التي تحد من حركة اليهود. ففي فرنسا مثلاً، كانت السلطة الحاكمة تتعامل مع يهود المارانو باعتبارهم مسيحيين مع علمها بأنهم يهود. كما يُلاحَظ أن التجمعات اليهودية الجديدة لم تكن تُوطَّن في أماكن مقصورة عليهم. وقد شهدت هذه الفترة بداية ضعف المسيحية كنسق قيمي وتَزايُد معدلات العلمنة. وساهمت هذه التحولات الاقتصادية والثقافية في زيادة تَقبُّل اليهود من قبَل مجتمع الأغلبية. ومع منتصف القرن السابع عشر الميلادي، اختفت الهجمات الشعبية على اليهود.
وفي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وبداية القرن التاسع عشر الميلادي، مع بدايات الثورة الفرنسية وظهور المجتمع الغربي الحديث، أخذت أسوار الجيتوات في السقوط، الواحد تلو الآخر، تحت ضغط الشعوب والحكومات الأوربية التي كانت تحاول توحيد السوق القومية. واكتسحت حركة الاستنارة والتنوير والإعتاق، في طريقها، كثيراً من هذه الجيتوات التي كانت تُعدُّ من مخلفات عصر انقضى. وبدأت الجماعات اليهودية في شرق أوربا ووسطها صفحة جديدة من تاريخها.