للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتميَّز المجتمع الإقطاعي الغربي بالفصل بين الطبقات والفئات والجماعات. وكانت كل طبقة أو فئة تضطلع بوظيفة محددة تحاول قدر استطاعتها احتكارها والإبقاء على أسرار المهنة بعدم إتاحة الفرصة للآخرين للحصول على المعلومات. ومن هنا، كان الجيتو اليهودي وغير اليهودي يؤدي وظيفة أساسية إذ كان يتيح الفرصة لأصحاب المهنة أو الفئة الواحدة أن يمارسوا حياتهم ومهنتهم بعيداً عن أعين الآخرين الذين قد يطلعون على هذه الأسرار. وكان هذا قانون العلاقات الاجتماعية الذي ينطبق على اليهود انطباقه على غيرهم. ولم يكن الاحتكار واستبعاد الآخرين مؤامرة مُوجَّهة من اليهود ضد الأغيار، وإنما كان ذلك يمثل ظاهرة اجتماعية عامة وخصوصاً أن الجماعة اليهودية، باعتبارها جماعة وظيفية، كانت تمثل هذه الظاهرة بشكل أكثر حدة. فالجماعة الوظيفية يستند وجودها بأسره إلى وظيفتها وإلى أسرار المهنة، فإن عُرفت هذه الأسرار خارج نطاقها انتفى أساس وجودها نفسه. ولذا، كان بعض اليهود يستبعدون الأغيار، كما كان البعض منهم يحتكرون الوظائف الاقتصادية والمالية ويحاولون بطبيعة الحال الحفاظ على هذا الاحتكار لأن في نهايته نهايتهم.

وكان مفهوم الاحتكار والاستبعاد مفهوماً أساسياً في تفكير الجماعات اليهودية منذ منتصف القرن الحادي عشر الميلادي. وقد علق راشي على عبارة «تاجرة الشعوب» (حزقيال ٢٧/٣) ، وفسرها بأنها إشارة إلى قانون الاحتكار الذي كان يُمنَع بمقتضاه التجار الغرباء من الاتجار في المدينة التي يقيمون فيها بصفة مؤقتة كوافدين غرباء إذ كان يطبق عليهم قانون حظر الاستيطان (حيريم هايشوف) .

<<  <  ج: ص:  >  >>