٢ ـ محاكم التفتيش الإسبانية التي أسسها البابا في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي (عام١٤٧١) بناء على طلب الملك فرديناند والملكة إيزابيلا، وللتأكد من إيمان مواطني إسبانيا من المسلمين واليهود الذين اعتنقوا عقيدة الدولة، أي المسيحية الكاثوليكية، ولتَعقُّب السحرة. ومما يجدر ذكره أن هذه المحاكم كانت محاكم «قومية» تابعة للدولة الإسبانية رغم أنها صدرت بمرسوم من الكنيسة الكاثوليكية، ورغم وجود رجال دين مُمثَلين فيها كان من أشهرهم توماس دي تروكيمادا وهو من أصل ماراني وأصبح رمزاً لقاضي محاكم التفتيش الذي يستخدم أدوات التعذيب لإرهاب ضحاياه. وكانت نتائج المحاكمات تُعلَن فيما يُسمَّى «أوتو دي في auto de fé» وهو الاحتفال العام الذي يتم فيه النطق بالأحكام. وكان نفوذ محاكم التفتيش لا يمتد إلى غير المسيحيين. ثم صدر مرسوم في ٣١ مارس عام ١٤٩٢ خُيِّر أعضاء الجماعة اليهودية في إسبانيا بمقتضاه بين النفي والتعميد (وقد طُبِّق هذا المرسوم على المسلمين عام ١٥٠٢) . فغادرت أعداد كبيرة من اليهود والمسلمين (نحو ثلاثة ملايين مسلم وما بين ١٥٠ إلى ٢٥٠ ألف يهودي) شبه جزيرة أيبريا. وقد صدر المرسومان بضغط من محاكم التفتيش التي كانت تهدف إلى حماية اليهود والمسلمين المتنصرين من التأثير السلبي لإخوانهم السابقين في الدين. ثم وضعت محاكم التفتيش هؤلاء المتنصرين تحت الرقابة الشديدة للتأكد من صدق إيمانهم وولائهم للدولة وكانوا يمارسون شعائر دينهم الأصلي في السر. وكان اليهود المتخفون يُسمَّون «المارانو» ، أما المسلمون فكانوا يُسمَّون «الموريسكيين» .
وتعقبت محاكم التفتيش أعضاء المارانو في البرتغال بل وفي المستعمرات الإسبانية والبرتغالية في جميع أنحاء العالم. ومع ظهور الإصلاح الديني، طاردت محاكم التفتيش العناصر البروتستانتية، ونجحت في القضاء عليهم في شبه جزيرة أيبريا ولكنها فشلت في ذلك في هولندا.