ولكن مشكلة الهوية اليهودية في فرنسا مشكلة خاصة إلى أقصى حد ومتداخلة. فهناك اليهود من أصل إشكنازي. وهؤلاء، مثل اليهود الأصليين، اندمجوا تماماً في المجتمع الفرنسي الذي يوشك أن يهضمهم كما هضم الألوف غيرهم من قبل. بقي بعد ذلك هوية اليهود المغاربة الذين يُقال لهم «السفارد» . ويُلاحَظ أن أغلبية يهود العالم العربي سفارد بمعنى خاص جداً. فهم ليسوا من السفارد الأصليين، بمعنى أنهم لا يتحدثون اللادينو ولا يشاركون في التراث الحضاري الثري ليهود إسبانيا. وكثير من يهود المغرب من أصل بربري واكتسبوا الصفة السفاردية من المهاجرين من إسبانيا في القرن السادس عشر. ولذا، فهم يهود مغاربة يتحدثون العربية ويكتسبون إثنيتهم من تفاعلهم مع التراث العربي ومن خلاله، ويتعبدون على الطريقة السفاردية، وأغلبيتهم الساحقة تعرف الفرنسية كما هو الحال مع كثير من أهل المغرب العربي. ويبدو أن جماعة الأليانس لعبت دوراً أساسياً في إعدادهم ثقافياً للاندماج في المجتمع الفرنسي. فالأليانس مؤسسة فرنسية يهودية. لكن يُلاحَظ أنه بينما لم تهتم الأليانس بالدراسات اليهودية في فرنسا نفسها، فإن مناهج الدراسة التابعة لها، في بلاد مثل المغرب وتونس ولبنان وسوريا مختلطة، أي فرنسية ويهودية. ولتفسير هذا التناقض، يمكننا أن نقول إن هذه المدارس باعتبارها ممثلة للثقافة والاستعمار الفرنسيين، كانت تريد أن تصبغ اليهود بصبغة فرنسية كي يقوموا بدور الجماعة الوظيفية الاستيطانية والوسيطة. ولكن تَوجُّه يهود البلاد العربية كان توجهاً دينياً، ولذا، لم يكن ثمة مفر أن تضم المناهج بعض المواد الدينية لتكون وسيلة جذب لليهود حتى لا ينفروا من المدارس الجديدة ولا يدركوا الهدف الحقيقي منها. وهذه على كلٍّ هي الطريقة المثلى للتحديث والعلمنة في المراحل الانتقالية، أي أن تتم العلمنة من خلال الخطاب الديني لا على الرغم منه. وكان هناك ١٩.٥٧٠ ألف طالب في مدارس الأليانس