٤ ـ شهدت هذه الفترة بداية ظهور بيوتات المال الإيطالية والفرنسية، مثل اللومبارد والكوهارسين، التي جعلت الاستغناء عن رأس المال اليهودي ممكناً. أما بالنسبة للأعمال التجارية، فقد حل التجار الفلمنكيون والفرنسيون والألمان والإيطاليون محل التجار اليهود.
وهكذا، تحالفت عدة عناصر في جعل أعضاء الجماعة الوظيفية اليهودية عنصراً لا نفع له، وصدرت القوانين التي حدَّت من حقوقهم ومن المناطق التي يحق لهم السكنى فيها. وبالتدريج أخذت الكنيسة والبارونات في تحقيق المزيد من الانتصارات في معركتهم مع الملك جون الذي اضطر إلى قبول سيادة الكنيسة عام ١٢١٣ وإلى الاعتراف بحقوق البارونات حينما وقَّع الماجنا كارتا عام ١٢١٥. لكن تردِّي وضع الملك كان يعني، بطبيعة الحال، تردِّي وضع اليهود. وقد تردت حالتهم إلى درجة أنهم طلبوا عام ١٢٥٥ الرحيل عن إنجلترا. لكن الملك رفض طلبهم ثم قام ببيعهم ووضعهم بعض الوقت تحت حماية أخيه الذي قام بتزويدهم بالحماية المطلوبة أثناء تهمة الدم التي وجهت ضدهم (عام ١٢٥٥) كما قام بتوظيفهم لحسابه. وأثناء حرب البارونات (١٢٦٤ ـ ١٢٦٧) ضد هنري الثالث (١٢١٦ ـ ١٢٧٢) ، شُنَّت هجمات على أعضاء الجماعة اليهودية. وقد حاول إدوارد الأول، بعد اعتلائه العرش عام ١٢٧٢، أن يجد حلاً لمسألة يهود إنجلترا. فكان يرى أن أعضاء الجماعة اليهودية أصبحوا مجموعة بشرية صغيرة لم تَعُد تؤدي وظيفة اقتصادية، ومن ثم حاول توجيههم للعمل بالزراعة والتجارة والحرف ومنعهم من الاشتغال بالربا، فأصدر قانون اليهودية عام ١٢٧٥. ولكن هذه المحاولة كان محكوماً عليها بالفشل بسبب طبيعة المجتمع الغربي في العصر الوسيط وتقسيمه الهرمي الصارم. وإذا كان الأثرياء من أعضاء الجماعة اليهودية قد أمكنهم شراء الأرض، فإن الفقراء اضطروا إلى السبل غير الشريفة للعيش مثل برد حواف العملات الذهبية وهو ما كان يُنقص قيمتها. وحينما اكتُشف أمر بعضهم بعد عام ١٢٧٨،