ورغم أن بسمارك كان يُتَّهم أحياناً بمعاداة اليهود، إلا أن جميع مواقفه تجاه اليهود وعلاقاته بالشخصيات اليهودية ارتبطت باعتبارات المصالح السياسية أو الاقتصادية المتبادلة. وربطته صداقة بأحد أفراد أسرة روتشيلد، كما كانت له علاقة خاصة مع المفكر الاشتراكي الألماني فرديناند لاسال نظراً لموقفهما المشترك المعارض لليبرالية. ولكن أهم علاقات بسمارك المالية كانت مع المموِّل الألماني اليهودي جيرسون بليخرودر الذي استفاد بخبراته المالية إلى درجة أنه اتُهم عام ١٨٧٥، بسبب صداقته هذه، بأنه "جعل اليهود وشركاءهم الطبقة الحاكمة في ألمانيا". وقد حصل أعضاء الجماعة اليهودية في ألمانيا على كامل حقوقهم المدنية في ظل رئاسة بسمارك للحكومة. كما أيَّد بسمارك في مؤتمر برلين (١٨٧٨) القرارات الرامية لحماية حقوق أعضاء الجماعات اليهودية في دول البلقان، وتم ذلك في إطار اعتبارات العلاقات والمصالح الدولية. كان بسمارك يستاء من يهود بولندا (وهو شعور شاركه فيه يهود ألمانيا تجاه يهود شرق أوربا ذوي الثقافة اليديشية المغايرة) . إلا أن موقفه هذا نبع من استيائه من كل ما هو بولندي. وكان بسمارك مؤمناً بأن الطموحات القومية البولندية تشكل التهديد الأكبر لوجود بروسيا ووحدة ألمانيا، ولكن ابتداءً من عام ١٨٧٨ فَقَد بسمارك تأييد الليبراليين له ومن بينهم أعضاء الجماعة اليهودية بعد أن بدأ في انتهاج سياسة محافظة، وخصوصاً في مجال التجارة الخارجية، حيث أقر عام ١٨٧٩ مبدأ الحماية الجمركية على السلع الزراعية والصناعية. وكان تدهور أسعار السلع الزراعية يهدد مكانة الطبقة الأرستقراطية الريفية التي ينتمي إليها بسمارك والتي كان يريد الحفاظ على سيادتها، كما كان يريد الحفاظ على العمال الزراعيين الذين كانوا يشكِّلون المصدر الأساسي لخيرة جنود الجيش الألماني، وذلك بالإضافة إلى أن الصناعة في ألمانيا كانت قد تطوَّرت إلى حدٍّ كبير، وبالتالي، ارتفعت