ولكل ما تقدَّم، بدأت وحدة يهود اليديشية وخصوصيتهم في التداعي ابتداءً من منتصف القرن التاسع عشر. واستغرقت هذه العملية مرحلة زمنية طويلة (امتدت حتى منتصف القرن العشرين) وانتهت باختفاء اللغة والثقافة اليديشية ودمج أعضاء الجماعات اليهودية في مجتمعاتهم حضارياً واقتصادياً وتَحوُّلهم من جماعة وظيفية وسيطة في المجتمع الروسي والبولندي إلى أعضاء في الطبقات الوسطى وغيرها من الطبقات في المجتمعات التي ينتمون إليها، وهذه المرحلة الزمنية هي في واقع الأمر مرحلة المسألة اليهودية التي كانت مسألة يهود شرق أوربا بالدرجة الأولى.
هاجرت أعداد كبيرة من يهود اليديشية، وخصوصاً في الفترة ١٨٨١ ـ ١٩١٤، فبلغت نحو ٢.٧٥٠.٠٠٠؛ ذهب منهم ٣٥٠ ألفاً إلى أوربا، وخصوصاً ألمانيا وفرنسا، و٢٠٠ ألف إلى إنجلترا، و١١٥ ألفا إلى الأرجنتين، و١٠٠ ألف إلى كندا و٤٠ ألفاً إلى جنوب أفريقيا، ومليونان (أي حوالي ٨٥%) إلى الولايات المتحدة. وهم بذلك يكّونون الأغلبية الساحقة من يهود تلك البلاد التي كانت تضم جماعات يهودية صغيرة جداً قبل وفود يهود اليديشية. وأدَّى وفودهم إلى زيادة معدلات معاداة اليهود نظراً لتخلفهم وتميزهم الوظيفي والإثني.