للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أهم الطبقات، من منظور التطور السياسي اللاحق لبولندا، ومن منظور تبلور المسألة اليهودية في شرق أوربا وظهور الصهيونية، فهي طبقة النبلاء. وهي طبقة لم تكن قط تابعة للملك وإن كان قد نجح بعض الوقت في فرض سلطته عليها. وإذا كان التطور اللاحق في معظم أرجاء أوربا هو تَعاظُم سلطة الملك داخل النظام الإقطاعي وتقليم أظافر النبلاء الإقطاعيين وتأسيس الدولة المطلقة تحت حكم الملوك المطلقين، فإن العكس هو الذي حدث في بولندا إذ تعاظم نفوذ النبلاء حتى أصبحوا الحكام الحقيقيين وأصحاب القرار في الدولة البولندية. وظهر أول اتحاد لهم في منتصف القرن الرابع عشر، وكونوا مجلس شورى للملك (١٣٨٥ ـ ١٤٩٣) ، ثم نجحوا في الفترة ١٤٢٢ ـ ١٤٣٣ في تدعيم امتيازاتهم، كالإعفاء من الضرائب وعدم سجن أي منهم إلا بعد المحاكمة. وتحوَّل مجلس شورى الملك عام ١٤٩٣ إلى مجلس تشريعي يُسمَّى السييم أو البرلمان. وفي عام ١٥٠٥، ساد العرف القائل «نيهيل نوفي nihil novi» (وهي عبارة لاتينية تعني «لا تجديد» ) ، الأمر الذي يعني تأكيد حق برلمان النبلاء وحده في إصدار القوانين والتشريعات. ومن خلال البرلمان (سييم) ، تَمكَّن النبلاء من تقويض دعائم النظام الملكي المركزي تماماً حتى تحولت بولندا من مملكة يحكمها ملك إلى مملكة تحكمها طبقة اجتماعية هي طبقة النبلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>