وطبَّقت بروسيا، في بداية الأمر، القوانين الصادرة عام ١٧٥٠ التي كانت تهدف إلى الحد من عدد اليهود والإبقاء على الأثرياء مهنم فقط. ولكن، بعد ذلك، تم التخلي عن هذه السياسة، وتبنت البيروقراطية الألمانية سياسة ممالئة للعنصر اليهودي الذي يتحدث اليديشية باعتباره عنصراً ألمانيا يمكن الاعتماد عليه مقابل العنصر البولندي السلافي.
وتسبَّب ذلك في عزل أعضاء الجماعة عن العناصر البولندية. وحينما أُلغي الاستقلال الشكلي لدوقية بوزنان الكبرى وأصبحت مقاطعة بروسية، أصبح سائر اليهود مواطنين بروسيين لعبوا دوراً أكثر نشاطاً في الحرب الدائرة بين الاتجاه الداعي إلى ألمنتها والاتجاه الداعي إلى صبغها بالصبغة البولندية. وبطبيعة الحال، كان أعضاء الجماعة ضمن مؤيدي الاتجاه الأول. لكل هذا، كانت الحركات البولندية تهاجم اليهود باعتبارهم عناصر ألمانية معادية. وعندما ظهرت المحاولات البولندية القومية للاستقلال الاقتصادي التي أخذت شكل تعاونيات ومصارف ومشاريع اقتصادية أخرى، كان لها اتجاه معاد لليهود. ونتج عن ذلك هجرة يهودية من المدن الصغيرة إلى المدن الكبيرة، وصاحب ذلك انتقال من التجارة المحلية إلى العمل في المصارف والصناعة والمهن. ثم اتجهت الهجرة نحو بروسيا، وخصوصاً برلين وبرسلاو، وأخيراً نحو الولايات المتحدة. وقد تناقص عدد سكان بوزنان اليهود من ٧٦.٧٥٧ (٥.٧%) عام ١٨٤٩ إلى ٢٦.٥١٢ (١.٢٦%) عام ١٩١٠. وكانت نسبة كبيرة من يهود المدن الألمانية الكبرى من يهود بوزنان. وبعد ضم بوزنان إلى بولندا، بعد الحرب العالمية الأولى، هاجرت البقية الباقية إلى ألمانيا ولم يبق سوى بضعة آلاف.
وتسبَّب وضع بوزنان الحدودي في مشكلتين:
١ ـ فصل العنصر البولندي اليهودي عن الحركة القومية البولندية، وهو ما جعلها معادية لليهود لتعاونهم مع الألمان.