وكان وضع أعضاء الجماعة اليهودية في المناطق البولندية متميِّزاً تماماً من الناحية الثقافية والاجتماعية والوظيفية. إذ كانت أعداد كبيرة منهم تعمل بنظام الأرندا (استئجار عوائد القرى وضمنها الضرائب والمطاحن والغابات والحانات من النبلاء البولنديين الغائبين) كما كان بين اليهود تجار وأصحاب حوانيت وباعة جائلون. وكان الباقون حرفيين يعملون للنبيل الإقطاعي والفلاح. وحسب التقديرات، كان التركيب الوظيفي لليهود على النحو التالي: ١% فقط كانوا يعملون في الزراعة، و٣% في الأعمال الدينية، و٣٠% يعملون في نظام الأرندا، و٣٠% يعملون في التجارة والرهونات، و١٥% في الحرف المختلفة.
وكان من أهم الوظائف التي يضطلع بها اليهود، والتي أصبحت جزءاً أساسياً من مشكلتهم، تقطير الخمور وبيعها في الحانات التي استأجروها من النبلاء في إطار نظام الأرندا. كما يُلاحَظ أن التجارة اليهودية كانت تجارة طفيلية، وكان التجار اليهود يشتغلون بتهريب البضائع ويتهربون من الضرائب نظراً لوجودهم في المنطقة الحدودية وبسبب استخدامهم اليديشية وسيلة للتفاهم، الأمر الذي يسَّر لهم عمليات التهريب والتهرب والتلاعب بالأسعار. ومع هذا، ظلت نسبة كبيرة من أعضاء الجماعة تعاني من الفاقة، فكان هناك ٢١% منهم بدون وظيفة محدَّدة.