ثم صدر قرار عام ١٨٣٥ لم يكن مختلفاً في جوهره عن قرار عام ١٨٠٤، فأُعيد بمقتضاه تحديد منطقة الاستيطان. وحرَّم القانون استئجار الخدم المسيحيين، وحظر على أعضاء الجماعة اليهودية الزواج المبكر، وحدَّد الحد الأدنى لسن الزواج بثماني عشرة سنة للذكور وست عشرة سنة للإناث، كما حظر استخدام اليديشية أو العبرية في الأعمال التجارية وغيرها من النشاطات. وحُدِّدت المهن التي يُسمح لأعضاء الجماعة اليهودية أن يعملوا فيها، كما حُرِّم عليهم (عام ١٨٢٥) دخول القرى.
وأبقى القانون على القهال ليقوم بجمع الضرائب وتطبيق القوانين الروسية، وليصبح مسئولاً عن الأمور الدينية والخيرية، وصرح ببناء المعابد شريطة أن تكون على مسافة معقولة من الكنائس، واعتُبر الحاخامات موظفين حكوميين لا تقتصر مهمتهم على الجوانب الدينية فأصبح من واجبهم الرقابة على الجوانب الأخلاقية العامة وعلى أداء أعضاء الجماعة اليهودية لواجباتهم المدنية للدولة والمجتمع. وفُتحت أمام أعضاء الجماعة اليهودية أبواب المدارس العامة، وفُرضت الرقابة على كتبهم (عام ١٨٣٦) .
ويبدو أن الحكومة القيصرية بدأت تشعر في هذه المرحلة بأن ما سمته الروح التلمودية (وليس اليهودية نفسها) هو سبب عزلة اليهود. ولذا، قامت الحكومة باستشارة أثرياء اليهود الروس باعتبارهم خبراء في الشئون اليهودية، كما طلبت العون من المفكرين اليهود دعاة التنوير ومن يهود الغرب الذين تم تحديثهم. وكانت نتيجة المشاورات والمداولات مؤيدة لموقف الحكومة. وكان أهم داعية لهذه السياسة وزير التعليم أوفاروف وكان كثير من دعاة التنوير اليهود يتفقون معه، من بينهم إسحق بير ليفينسون في كتابه التعليم في إسرائيل (عام ١٨٢٨) . وأُغلق كثير من المطابع العبرية بهدف الحرب ضد الخرافات الحسيدية والتعصب الناجم عن دراسة التلمود. ويُلاحَظ أن موقف الحكومة القيصرية من القرّائين كان متسامحاً للغاية لأنهم لا يؤمنون بالتلمود.