وكانت منطقة الاستيطان تضم أوكرانيين وبولنديين وروسيين وليتوانيين ومولدافيين وألماناً. وكان لكل جماعة قاعدتها الإقليمية أو أرضها المتركزة فيها ما عدا أعضاء الجماعة اليهودية والألمان. ومن هنا ظهرت إحدى السمات الخاصة للمسألة اليهودية في روسيا. وقد قررت الحكومة القيصرية (عام ١٨٤٣) ، لاعتبارات أمنية، عدم السماح لأعضاء الجماعة اليهودية بالسكنى على مسافة ٥٠ فرسخاً (نحو ٣٣ ميلاً) من الحدود. وحسب القانون الصادر لتنظيم منطقة الاستيطان، لم يُسمَح لليهود بالانتقال خارجها ولم يُسمح لهم بالدخول إلى وسط روسيا إلا مدة ستة أسابيع للقيام بأعمال محدَّدة على أن يرتدوا الأزياء الروسية. وكان متاحاً لتجار الدرجة الأولى أن يمكثوا ستة أشهر، كما كان مسموحاً لتجار الدرجة الثانية أن يمكثوا ثلاثة أشهر. ومع حكم ألكسندر الثاني، بدأت الحكومة القيصرية في تخفيف القيود عن بعض العناصر اليهودية النافعة والمندمجة، وذلك بهدف تحويل اليهود إلى قطاع منتج مندمج في المجتمع. فسُمح لتجار الفئة الأولى (عام ١٨٥٩) بأن يستوطنوا خارج منطقة الاستيطان، وكذلك لخريجي الجامعات عام ١٨٦١ وللحرفيين عام ١٨٦٥، كما سُمح للمشتغلين بالطب عام ١٨٧٩ وللجنود المُسرَّحين بهذه الميزة. ولم يزد العدد المسموح لهم بها حسب تعداد ١٨٩٧ على مائتي ألف يهودي.
وكان من بين الفئات المسموح لها بمغادرة منطقة الاستيطان الفتيات اليهوديات اللائي كن يعملن بالبغاء، فكان بوسع الفتاة أن تنتقل إلى موسكو أو أية مدينة أخرى لتمارس هذه الوظيفة وتحقق قدراً من الحراك الاجتماعي والجغرافي دون أن يكون في إمكان أسرتها اللحاق بها.
وقد حوَّل هذا منطقة الاستيطان إلى أهم مصدر للبغايا في العالم حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى وربما حتى الثلاثينيات من هذا القرن. وتم توسيع منطقة الاستيطان عام ١٨٧٩ بضم مملكة بولندا إليها رسمياً، وأُبطل العمل على الحدود بقانون الخمسين فرسخاً.