ومما ساعد على ازدهار أعضاء الجماعة اليهودية داخل منطقة الاستيطان أن هذه المنطقة لم تشهد أية حروب في الفترة ١٨١٢ ـ ١٩١٤، كما أن وجود يهود روسيا داخل إمبراطورية واحدة سهَّل الحركة بين الجماعات المختلفة وأكد تَماسُك الجماعة اليهودية. وقد تزايد عدد يهود روسيا بسرعة تفوق معدل زيادة السكان، ففي عام ١٨٢٥ بلغ عددهم ١.٦٠٠.٠٠٠ أي ٣% من مجموع سكان الإمبراطورية و١٢% من سكان المناطق التي تواجدوا فيها. وفي عام ١٨٥٠، بلغ عددهم ٢.٣٥٠.٠٠٠. وبلغ عددهم عام ١٨٨٠ أربعة ملايين، أي أن عددهم زاد بنحو ١٥٠% خلال ٥٠ عاماً تقريباً. ومع هذا تعثَّر التحديث في روسيا وبدلاً من دمج أعضاء الجماعة اليهودية تحوَّلت روسيا القيصرية إلى قوة طاردة لهم في الوقت الذي كانت أعدادهم آخذة في التزايد.
وكانت استجابة يهود روسيا لتعثُّر التحديث هي الهجرة التي كانت حتى عام ١٨٧٠ هجرة داخلية من ليتوانيا وروسيا البيضاء إلى جنوب روسيا (روسيا الجديدة) . فحتى عام ١٨٤٧، كان ٢.٥% من يهود روسيا يعيشون في هذه المنطقة. ومع حلول عام ١٨٩٧، كانت نسبتهم تصل إلى ١٣.٥%. ولكن نمط الهجرة اختلف بعد عام ١٨٨٠ إذ اتجهت كليةً إلى خارج شرق أوربا. فهاجر ٢.٧٥٠.٠٠٠ يهودي تركوا شرق أوربا خلال ١٨٨١ ـ ١٩١٤ (نحو مليونين من روسيا وحدها) بينما كان عدد يهود العالم عشرة ملايين، وهو ما يعني أن ربع يهود العالم كانوا في حالة هجرة. وظهرت حركة حزب البوند الثورية الذي كان يُعَد أكبر تنظيم ثوري اشتراكي في أوربا، كما ظهرت الحركة الصهيونية، وهما تعبيران مختلفان عن تعثُّر التحديث.