للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن أعضاء الجماعة اليهودية سوى أحد القطاعات البشرية المنكوبة التي وقعت ضحية عملية القمع الرجعية هذه. فقد بدأ عهد ألكسندر الثالث بسلسلة من الهجمات على كثير من مراكز اليهود السكانية استمرت نحو ثلاثة أعوام وتأثر بها نحو ٦٠ ألف يهودي. وقد وقعت الهجمات بعد أن قامت بعض الصحف الروسية الرسمية بشحن الجو ضدهم باعتبارهم مستغلي الفلاحين. وتشكلت لجنة للتحقيق في الحوادث توصلت إلى أن نشاط اليهود الاقتصادي هو السبب في هذه الهجمات (ولكن اللجنة، مع هذا، لاحظت أن سلوك الشرطة والجيش لم يكن فوق الشبهات) . ثم شُكِّلت لجنة أخرى لإعادة النظر في المسألة اليهودية طرحت اقتراحات لا تختلف كثيراً عن اقتراحات وتوصيات اللجان السابقة. وبناء عليه، أصدر وزير الداخلية الكونت إجناتييف قوانين مايو المؤقتة عام ١٨٨٢ باعتبارها إجراءات استثنائية تنطبق على منطقة الاستيطان وتهدف إلى حماية المواطنين الروس من اليهود باعتبارهم عنصراً أجنبياً غريباً. ولكن، ظهرت صعوبات كثيرة عند تطبيق هذه القوانين، فشُكِّلت لجنة أخرى عام ١٨٨٣ لمناقشتها واستمرت اللجنة الجديدة في اجتماعاتها خمسة أعوام وأوصت عام ١٨٨٨ بضرورة رفع القيود عن اليهود وإعتاقهم. ولكن البيروقراطية تجاهلت تلك التوصيات وقامت بطرد اليهود من موسكو عام ١٨٩١ وتحديد عددهم في المدارس، وهو ما أدَّى إلى سفر أعداد متزايدة من الشباب اليهودي إلى الخارج حيث تم تسييسهم وتثويرهم. ولم يتغيَّر الوضع كثيراً في حكم نيقولا الثاني (١٨٩٤ ـ ١٩١٨) آخر قياصرة آل رومانوف. وقد شهدت المرحلة تصاعداً في تطور الصناعة الرأسمالية والتصنيع لم يواكبها تحديث في النظام، فشهد عام ١٨٩٣ تصاعداً في تطور الصناعة الرأسمالية بقدر لم يسبق له نظير، وتضاعف عدد أعضاء الطبقة العاملة. وقد زاد إنتاج الفولاذ والبترول ثلاثة أضعاف، وزاد طول السكك الحديدية من ٢٨ ألفاً إلى ٤٩ ألف فرسخ. ورغم السياسة التي اتبعتها الحكومة

<<  <  ج: ص:  >  >>