وفي ٢٢ أغسطس عام ١٨٨١، أصدر القيصر أوامره بالقيام بتحريات عن النشاطات الاقتصادية " الضارة " التي تمارسها الجماعة اليهودية توطئةً للقضاء عليها. وفي أكتوبر ١٨٨٩، أصدر القيصر أوامره إلى اللجنة المكلفة بإعادة النظر في المسألة اليهودية. وعُرفت هذه اللجنة باسم «لجنة إيجناتييف» ، اشترك فيها ممثلون عن مختلف الطبقات والجماعات وترأسها حاكم المقاطعة لتقرير أنواع النشاط الاقتصادي التي تضر بحياة السكان. وعبَّر الفلاحون وسكان المدن عن شكواهم من اليهود، وحاول ممثلو الجماعة اليهودية الدفاع عن أنفسهم. وفي ربيع عام ١٨٨٢، قدمت هذه اللجنة تقريرها عن المسألة اليهودية. وجاء في هذا التقرير أن سياسة ألكسندر الثاني «المتسامحة» فشلت، وأن قيام المعارضة الشعبية ضد اليهود في روسيا نفسها برهن على أنه من الواجب اتخاذ إجراءات جديدة ضد اليهود الروس. وفي نهاية التقرير، قدمت اللجنة عدة توصيات لعلاج الموقف. وأخذت الحكومة بهذه التوصيات ووضعها موضع التنفيذ في صورة إجراءات مؤقتة. ونظراً لأن هذه الإجراءات المؤقتة صارت نافذة المفعول في يوم ٢ مايو عام ١٨٨٢، فإنها يُشار إليها دائماً بأنها «قوانين مايو» . وكانت هذه القوانين أو هذه الإجراءات تَصدُر تباعاً، وعلى فترات، كلما رأت الحكومة الروسية خطراً عليها من النشاط السياسي أو الاقتصادي الذي يمارسه اليهود. ويمكن أن نوجز هذه القوانين فيما يلي:
١ ـ لا يُسمَح لليهود بالسكنى خارج المدن أو في المدن الصغيرة في أية منطقة ريفية في روسيا (حتى لو كانت داخل منطقة الاستيطان نفسها) .
٢ ـ من حق السكان الروس في القرى طرد اليهود من قراهم، وذلك بقرار خاص يصدره رئيس القرية.
٣ ـ أي يهودي يغادر قريته لا يُسمح له بالعودة إليها مرة ثانية.