٧ ـ ويرى الدكتور حسن حنفي أن العلمانية ظاهرة تنتمي للحضارة الغربية، تعني "الفصل بين الكنيسة والدولة"، أي أنه يأخذ بالتعريف الجزئي دون تَحفُّظ (ولنا أن نلاحظ أن معظم من يأخذون بالتعريف الجزئي لا يرون العلمانية باعتبارها ظاهرة عالمية وإنما يرونها نتاج المجتمعات الغربية المسيحية وخصوصيتها) . انطلاقاً من هذا التعريف يرى الدكتور حسن حنفي أن العلمانيين في بلادنا "كلهم من النصارى، وغالبيتهم من نصارى الشام" ممن "تربوا في المدارس الأجنبية وفي إرساليات التبشير" ولذا كان ولاؤهم الحضاري للغرب، ودعوا إلى النمط الغربي في التقدم ثم تبعهم في ذلك بعض المسلمين. وقد أدَّى ذلك بالحركات الإسلامية إلى رفض العلمانية "عن حق" وربطها "بالتغريب"، بما يتضمن ذلك من استعمار وتبشير ورفع شعار الحاكمية. فالخطأ الأول، نقل العلمانية الغربية، أحدث، في تصوره، رد فعل خاطئ وهو الحاكمية.
ويذهب الدكتور حسن حنفي إلى أن هذا الوضع قد خلق تصوراً خاطئاً بأن ثمة تعارضاً بين العلمانية والإسلام! وهنا سنكتشف أن الدكتور حنفي بدأ يترك نطاق الحضارة الغربية والعلمانية الغربية، كما بدأت العلمانية عنده تتحول إلى ظاهرة عالمية، بل حتمية، ولذا نجده يتحدث عن ذلك الجوهر العلماني للإسلام. ولا تختلف هذه العلمانية الإسلامية الجديدة كثيراً عن العلمانية الغربية إلا في أنها نابعة من الداخل وليست من الخارج. والإسلام ـ حسب تصور الدكتور حسن حنفي ـ دين علماني (بالمعنى العالمي لا الغربي) ، للأسباب التالية:
أ) النموذج الإسلامي "قائم على العلمانية" بمعنى "غياب الكهنوت".