وقد يكون من المفيد مقارنة معدل هجرة أعضاء الجماعات اليهودية إلى أمريكا اللاتينية وفلسطين قبل وبعد الاحتلال الصهيوني حيث نجد أن عدد المهاجرين إلى فلسطين في الفترة ما بين عامي ١٩٠١ و١٩٢٠ بلغ ١٥ ألفاً (وذلك بطرح الـ ١٥ ألفاً من جملة النازحين) ، بينما بلغ عدد المهاجرين إلى أمريكا اللاتينية في الفترة نفسها ١٠٥.٨٦٧ هاجرت غالبيتهم إلى الأرجنتين، وهو ما يبين نجاح الصهيونية التوطينية وفشل الصهيونية الاستيطانية الذريع حينما كانت تعتمد على ما يُسمَّى «القوى الذاتية» . وبعد وضع فلسطين تحت الانتداب، لم يتحسن الوضع كثيراً إذ بلغ عدد المهاجرين إلى أمريكا اللاتينية في الفترة من ١٩٢١ إلى ١٩٣٠ نحو ١٢٩.٢٣٩ اتجه منهم ٧٣.٤٣٤ إلى الأرجنتين. أما فلسطين، فلم يزد عدد المهاجرين إليها على ٧٠.٩٤٤، وهو عدد يقل عن عدد المستوطنين في الأرجنتين وحدها، وهذا يدل وبشكل أكثر حدة على مدى فشل المنظمة الصهيونية التي تتمتع بالدعم الإمبريالي الكامل في الغرب، والتي تمتلك جهازاً له فروع في معظم بلاد أوربا، كما توجد تحت تصرفها ميزانية ضخمة (وهو ما توفر لمؤسسة هيرش التي قامت بتوطين بعض أعضاء الجماعات اليهودية في الأرجنتين) . ولكن مسار الهجرة اليهودية ظل يتبع الخط العام للاستيطان الغربي، أي الهجرة إلى الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، ثم أمريكا اللاتينية. وكان الاستثناء الوحيد من هذه القاعدة في الفترة من ١٩٢١ إلى ١٩٣٥ حين أغلقت بلاد العالم الغربي أبوابها في وجه المهاجرين اليهود وغيرهم، فهاجر إلى فلسطين ١٤٧.٥٠٢ مقابل ٤٤.٥٥٠ اتجهوا إلى أمريكا اللاتينية، وهذا العدد لا يضم اليهود الذين حصلوا على شهادات تعميد. وفي الفترة من ١٩٣٦ إلى ١٩٣٩، دخل فلسطين ٧٥.٥١٠، مقابل ٣١.٠٦٦ اتجهوا إلى أمريكا اللاتينية رغم ظروف الأزمة الاقتصادية ورغم وجود نظم فاشية تضطهد أعضاء الجماعات اليهودية ولا تشجع الهجرة. وقد شهدت سنين ما بعد الحرب، حتى عام