٨ ـ ومن المفارقات التي تستحق التسجيل (وهذا نمط وجدناه بين أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب في العصر الحديث) أنه رغم ارتباط النخبة اليهودية بالنخبة الحاكمة وارتباط أثرياء اليهود بالمؤسسات الحاكمة وعمالتهم لها، ورغم هامشية معظم الجماهير اليهودية وعدم مشاركتها في قاعدة الهرم الاقتصادي والعملية السياسية، فإن ثمة وجوداً ملحوظاً لبعض أعضاء الجماعات اليهودية في الحركات اليسارية. وقد جاء مع المهاجرين أعداد من أعضاء حزب البوند الذين حاولوا تنظيم نقابات العمال. وابتداءً من الستينيات، لوحظ مرة أخرى أن كثيراً من الشباب اليهودي ينخرط في الحركات السياسية اليسارية والقومية بأعداد متزايدة تفوق نسبتهم القومية، وهو ما يجعل لهم وجوداً ملحوظاً داخل الحركات اليسارية ويربط بين اليهود وهذه الحركات. ورغم أن القيادات اليهودية تزيد، كنوع من رد الفعل، من ارتباطها بالنخبة الحاكمة وبعمالتها لها، فإن هذا لا يجدي فتيلاً إذ أن القيادة اليهودية ذات تراث إثني يديشي يعزلها في العادة عن المجتمع. وفي الوقت نفسه، نجد أن الشباب، وخصوصاً أعضاء الجيل الثالث، لهم جذور راسخة في مجتمعاتهم تربطهم به. وفي عام ١٩٦٠، كان ثلث يهود الأرجنتين من الأجانب، ولكن نسبة الأجانب بين الأعمار المتقدمة (٦٥ عاماً وما فوقها) كانت ٩٧%، بينما كانت هذه النسبة في الأجيال الجديدة (١٤ سنة فما فوق) نحو ٢.٤%، وهو ما يعني أن الأغلبية الساحقة من شباب الأرجنتين الآن من مواليد الأرجنتين نفسها (تصل النسبة حسب إحصاءات ١٩٨٩ إلى ٩٤%) . ونظراً لاغترابهم عن تراث آبائهم الإثني، ونظراً لأنهم لا ينتمون لتراث الأغلبية الديني، فإنهم يعبِّرون عن ذواتهم من خلال الانتماء إلى الحركات الثورية. والارتباط بين بعض أعضاء الجماعات اليهودية والحركات اليسارية يجلب عليها عداء قطاعات كثيرة في المجتمع. يظهر هذا التناقض في شيلي، فقد ساهم السناتور اليهودي فولوديا تايتلباوم