ويُلاحَظ أن أحداً لا يُقبل على تَعلُّم العبرية. ولا تختلف أمريكا اللاتينية في هذا عن الاتحاد السوفيتي أو الولايات المتحدة. وقد بدأت البرتغالية والإسبانية تحلان محل أية لغات أخرى جاء بها أعضاء الجماعة اليهودية. كما يُلاحَظ أن المدارس اليهودية لا تزدهر إلا في البلاد التي لا تتمتع بمعدلات علمنة عالية والتي تسود فيها المثل الكاثوليكية كما هو الحال في بيرو، أي أن انتشار المدارس اليهودية ليس مؤشراً على مدى تَقبُّل المجتمع لليهود وتسامحه معهم أو مدى نفوذهم وسطوتهم وإنما هو مؤشر على عدم تقبُّلهم وعزلتهم. وبهذا المعنى، يمكن القول بأن الكنيسة الكاثوليكية أكبر مصادر الهوية اليهودية، وهذه مفارقة كبرى، فما يحدد مدى نجاح أو فشل المدارس اليهودية حركيات المجتمع وليس حجم الميزانيات المخصصة كما تتصور المنظمات اليهودية في أمريكا اللاتينية. ولعل هذا يجعلنا نعيد النظر في الاتهام الذي كان يوجه إلى الاتحاد السوفيتي بأنه قضى على اليديشية وعلى المدارس اليهودية. فالواقع أن معدلات العلمنة والتصنيع وإتاحة فرص الحراك الاجتماعي أمام اليهود هي التي أدَّت إلى القضاء على اليديشية وعلى المدارس اليهودية، فمع تَزايُد الفرص المتاحة أمام أعضاء الجماعة اليهودية أصبح من صالح الأسر اليهودية أن تُلحق أولادها بالمدارس الحكومية كي يتعلموا الخبرات اللازمة للاستفادة تماماً من الفرص المتاحة، كما حدث في الأرجنتين وشيلي والبرازيل، وهي البلاد التي تضم الأغلبية العظمى من يهود أمريكا اللاتينية.