وقد طُرحت قضية الصهيونية على الجماعة اليهودية المندمجة وتم حسمها بعد عام ١٩٤٨ لصالح الصهيونية، وحسب شروط يهود أمريكا الجدد الذين اعتنقت أغلبيتهم الصهيونية، ولكنها لم تكن على أية حال الصهيونية الاستيطانية ذات الجذور الشرق أوربية التي تطلب من اليهود التخلي عن وطنهم والهجرة إلى فلسطين والاستيطان فيها. إنها صهيونية توطينية تترجم نفسها إلى دعم مالي وسياسي للمُستوطَن الصهيوني، وتكتفي بممارسة الضغط السياسي على الحكومة الأمريكية لصالح دولة إسرائيل (وإن كانت المسألة لا تستدعي ضغطاً كبيراً) . وقد سارعت الحكومة الأمريكية إلى تأييد قرار التقسيم ثم الاعتراف بالدولة، وهي تراها الآن حليفاً إستراتيجياً وتدفع معونات ضخمة لها. ولا تترجم هذه الصهيونية نفسها إلى هجرة أو استيطان إلا في القليل النادر، فهي تترجم نفسها إلى رموز إثنية تشبه من بعض الوجوه الرموز الإثنية لأعضاء الأقليات الأخرى.
وقد شبَّه آرثر هرتزبرج علاقة يهود الولايات المتحدة بإسرائيل بعلاقة الرجل بعشيقته، فهو لا يراها إلا لفترات متباعدة، ولذا فإنها تظل بعيدة مشبعة بالرومانسية ومزينة، وهو يغدق عليها الأموال ولكنه يحتفظ بمسافة بينه وبينها، وحينما تحين لحظة الاختيار فإنه يختار زوجته وأولاده وأسرته.