للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١ ـ كانت حركة الحقوق المدنية، من الناحية الأساسية، حركة سوداء يقودها اليهود مع بعض السود. ومع نضج أعضاء الجماعة السوداء في الولايات المتحدة، حاولت الحركة أن تتولى قيادة نفسها بنفسها وهو ما كان يعني تنحية اليهود عن قيادتهم، وخصوصاً بعد ظهور قيادات شابة جديدة (مثل جيسي جاكسون وفراخان) غير متعاطفة مع القيادات القديمة التي كانت تؤيد المؤسسة الليبرالية البيضاء وإسرائيل دون مناقشة (مثل بايارد راستين) . وربما كان أندرو يونج نموذجاً جيِّداً لهذه القيادات الشابة، فقد أخذ بزمام المبادرة حين كان رئيساً للوفد الأمريكي في هيئة الأمم المتحدة، وقام بترتيب مقابلة مع مندوب منظمة التحرير الفلسطينية، ولكنه فقد منصبه في أعقاب ذلك بضغط من الجماعة اليهودية، الأمر الذي أثار حفيظة الجماعة السوداء.

١٢ ـ تزامن ذلك مع ظهور الجمعيات الأصولية المسيحية (الرجعية البيضاء) التي تجعل إسرائيل (الشعب والدولة) محور رؤيتها للخلاص، وترى قيام الدولة الصهيونية إحدى العلامات على اقترابه. وتفسر هذه الجمعيات الكتاب المقدَّس تفسيراً حرفياً ضيقاً، ومستخلصةً من ذلك برنامجاً سياسياً صهيونياً مؤيداً لإسرائيل وإن كان داخله كره عميق لليهود ورفض لهم. وإذا أضفنا إلى ذلك سياسة إسرائيل المؤيدة لأمريكا في عصر نيكسون وريجان، واشتراكها بنشاط في الحرب الباردة (باعتبار أن أي انفراج دولي قد يؤثر في أهميتها الإستراتيجية للغرب ويزيد أهمية العرب ويخلق رقعة مشتركة بين العرب والولايات المتحدة) ، فيمكن فهم أسباب ابتعاد الجماعة اليهودية تدريجياً عن الأقليات الأخرى وعن القيم الليبرالية واكتساب سمات رجعية ومحافظة حتى فَقَد اليهود ليبراليتهم التقليدية. وأصبحت مجلة كومنتاري التي تصدرها اللجنة الأمريكية اليهودية (وهي مجلة ذات تراث ليبرالي) منبراً للمدافعين عن الحرب الباردة وسياسة التشدُّد مع الاتحاد السوفيتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>