للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يتوقف تأثر اليهودية بالديانات والحضارات الأخرى مع العودة من بابل، فقد ظل هذا النمط سائداً إذ تأثر اليهود بفكرة الماشيَّح من التراث الفارسي. كما دخل على اليهودية كثير من الأفكار الثنوية، وهو ما أثر في أدب الرؤى والأفكار الأخروية. وأثَّر الفكر الهيليني في الفكر الديني اليهودي، فسفر الجامعة يتضمن رؤية عدمية تشبه من بعض الوجوه الفكرة الإغريقية الخاصة بأن التاريخ مثل الدورات الهندسية المحضة التي تبدأ وتنتهي بلا معنى. بل إن فكرة الشريعة الشفوية نفسها من أصل هيليني، إذ كان اليونان يرون أن القانون الشفوي أهم وأكثر شرعية من القانون المكتوب. كما أن فكرة «الآدم قدمون» (الإنسان الأزلي) هي خليط من فكر بابلي وفارسي (وقد وردت في كتابات المندائيين) أما فكرة «تهشُّم الأوعية» فهي فكرة أسطورية يونانية وردت في تراتيل أورفيوس وتشير إلى «تلوث الأشعة» أو الومضات الإلهية في روح الإنسان أثناء هبوطه بفعل «التيتان العشرة المعلقة بين السماوات والأرض» .

واستمرت اليهودية بعد ذلك في تبنِّيها عناصر من الإسلام، فصاغ سعيد بن يوسف الفيومي، ومن بعده موسى بن ميمون، أصول الدين اليهودي متأثرين في ذلك بمحاولات الفقهاء المسلمين تحديد أصول الدين الإسلامي. كما تأثرت اليهودية بالفكر الديني المسيحي في تراث القبَّالاه، خصوصاً بفكرة التجليات النورانية العشرة (سفيروت) . بل إن احتفالاً يهودياً مثل الاحتفال ببلوغ سن التكليف الديني (برمتسفاه) ، وهو من أهم الاحتفالات اليهودية في الولايات المتحدة، لم يكن معروفاً في اليهودية الحاخامية وإنما أُخذ عن المسيحية الكاثوليكية فيما يُسمَّى «التناول الأول» .

<<  <  ج: ص:  >  >>