وقد ثارت مناقشات كثيرة عبر تاريخ اليهودية عن مدى قدسية الشريعة الشفوية، وجواز تدوينها أو عدم جواز ذلك. والواقع أنه، حتى ظهور المسيح، كان تدوين الشريعة أمراً محرَّماً للحيلولة دون انتشارها بين العامة، إذ أن فكرة الشريعة الشفوية تخدم ولا شك مصلحة الحاخامات لأنها ترفعهم إلى مصاف الإله أو الأنبياء، وتجعلهم على اتصال دائم بالإله، كما تعطيهم حق تغيير وتبديل كلمته. ولعل فكرة الشريعة الشفوية هي المسئولة عن السيطرة الدينية للحاخامات على الجماعات اليهودية في العالم خلال تواريخهم. وقد استمر الجدل قائماً بين الفرق اليهودية المختلفة حول مدى قدسية الشريعة الشفوية، وكان الفريسيون من أشد المدافعين عنها. ويبدو أن دفاعهم عن الشريعة الشفوية، ورفضهم تدوينها، كان ذا محتوى طبقي. أما الصدوقيون، فقد كانوا من أهم معارضيها، لأنهم كانوا مرتبطين بالهيكل وبالعبادة القربانية ويشكلون بذلك طبقة كهنوتية. أما الفريسيون، فكانوا يدافعون عن الشريعة الشفوية لأن ذلك كان يعني المشاركة في السلطة. وبظهور المسيحية حُسمت القضية تماماً، فسيطر التصور الفريسي على اليهودية. ولكن، مع هذا، بدأ تدوين الشريعة الشفوية حتى تتمكن اليهودية من تمييز نفسها عن المسيحية التي ورثت العهد القديم وأكملته بالعهد الجديد.
ويرفض القرّاءون (المتأثرون بالفكر العربي الإسلامي والتوحيد الإسلامي) التراث الشفوي، ويقصرون إيمانهم على شريعة موسى وأسفاره الخمسة. وفي العصر الحديث، جدَّد الأرثوذكس إيمانهم بالشريعة الشفوية المتجسدة في كلٍّ من التلمود والشولحان عاروخ. أما الإصلاحيون، فقد نادوا بأن الشريعة الشفوية هي محاولة بعض الحاخامات تفسير الكلام المقدَّس، ولكنه على أية حال تفسير غير ملزم لأحد لأنه مرتبط بحقبة تاريخية معينة، ولذلك فإن صلاحيته لا تمتد إلى كل زمان وكل مكان.