للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويأخذ النسق الحلولي الثنائي الصلب، من الناحية البنيوية، شكلاً مخروطياً: دوائر متداخلة متراكمة كل منها أصغر مما يسبقها وتظل الدوائر تَصغُر حتى تصل إلى قمة المخروط التي هي مركز هذه الدوائر. فقاعدة المخروط، من الناحية الجغرافية (المكان) ، هي العالم، أما قاعدته التاريخية (الزمان) فهي الأغيار. وفي مركز العالم، وعلى ارتفاع منه، تقف إرتس يسرائيل، الأرض التي اختارها الإله وحباها بنعمه الخاصة. وفي مركز التاريخ، وعلى ارتفاع منه، يقف الشعب اليهودي (جماعة يسرائيل) الذي اختاره الإله ليكون أمة من الكهنة والقديسين والأنبياء. وفي وسط إرتس يسرائيل، وعلى ارتفاع منها، تقف أورشليم (القدس) . وفي وسط الشعب، وعلى ارتفاع منه، يقف الأنبياء والملوك والكهنة. وفي وسط أورشليم يوجد الهيكل، في داخله قدس الأقداس، وهو سرة الدنيا (حسب كلمات المشناه) ، يوجد فيه تابوت العهد الذي تُوجَد فيه الوصايا العشر وتحل فيه روح الإله. وأمام التابوت يوجد حجر الأساس (بالعبرية: ايفين شتْيِّاه) حيث خُلقت الدنيا. وفي وسط الأنبياء، يقف الماشيَّح (نبي الأنبياء) وملك الملوك، والذي يجسد روح الإله. وكان الكاهن الأعظم يدخل قدس الأقداس مرة كل عام (في يوم الغفران) لينطق باسم الإله الأعظم فيكتمل من خلاله الحلول الإلهي في الشعب ومنه إلى بقية الجنس البشري.

وهكذا، فإن قمة المخروط هي النقطة التي يتحد فيها عاملا الجغرافيا والتاريخ، ويذوب فيها الزمان في المكان والطبيعة في الإنسان/الإله، أي أنها نقطة تحقُّق وحدة الوجود الكامل. ونلاحظ أن بإمكاننا، حسب هذا البنيان، أن نرى المكانة التي تشغلها جماعة يسرائيل وإرتس يسرائيل، فهما مركز الكون وعنصران أساسيان لأي خلاص للعالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>