«الثنوية» أو «الاثنينية» هي الفكرة القائلة بأن الوجود يتكون من قوتين مطلقتين أو عنصرين أساسيين جوهريين متوازيين متعارضين (ثنائية صلبة) لا يلتقيان، إله الخير وإله الشر، وهما دائماً في حالة صراع. ومع هذا، توجد نقطة نهائية في التاريخ يتم من خلالها القضاء على هذه الثنوية إذ يهزم إله الخير إله الشر أو يمتزجان ليكونا واحدية كونية. والثنوية أحد أشكال الحلولية، وهي من ثم تعبير عن فشل في الوصول إلى النضج النفسي وعن الفشل في التجريد وفي تَقبُّل تركيبية العالم.
واليهودية تركيب جيولوجي تراكمي ذو طابع حلولي، ولذا نجد أنها قد استوعبت عناصر ثنوية عديدة (من العبادات الفارسية على وجه الخصوص) أثرت في عقائدها وشعائرها وبنيتها. وتظهر هذه العناصر في مخطوطات البحر الميت ولدى الجماعات الغنوصية أو شبه الغنوصية اليهودية ثم أخيراً في الثنوية المباشرة التي تتبدَّى في شعائر وشخصيات خرافية مثل عزازيل وميتاترون، وكذلك في بعض الملائكة الآخرين الذين أصبحوا قوة مستقلة عن يهوه لها وجود مستقل عنه وتُقدَّم لها القرابين تماماً كما تُقدَّم له، كما كان يحدث في يوم الغفران حينما كان كبير الكهنة يُقدِّم كبشين: أحدهما ليهوه والآخر لعزازيل. وهذه الشخصيات والشعائر تفترض وجود قوتين إلهيتين، إحداهما للخير والأخرى للشر، وهي شخصيات وشعائر تقبلتها اليهودية كتركيب جيولوجي تراكمي. وقد تحولت التوارة في اليهودية الحاخامية إلى قوة معادلة للإله تحوي سرّ الكون، نظر إليها الإله وخلق العالم (فهي اللوجوس الذي يمنح العالم النظام والثبات والشكل النهائي المستقر) . وتُعبِّر التوراة عن الحياة الداخلية للإله ولكنها مستقلة عنه. ولذا فهي تجلس إلى جواره على العرش، فهي إذن تَجسُّد له ولكنها مستقلة عنه.