أ) العالم فاسد والزمان رديء في المنظومة الغنوصية ولا جدوى من فعل الخير أو محاولة التسامي، والخلاص لا علاقة له بالأخلاق أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لهذا، لا يوجد بعث فردي ولا حساب وإنما التحام للروح في الكل الإلهي وذوبان فيه. وعالم الأغيار في القبَّالاه عالم فاسد والتاريخ الإنساني رديء، وتبهت فكرة البعث في القبَّالاه وتحل محلها فكرة تناسخ الأرواح التي تنكر المسئولية الخلقية والثواب والعقاب (وتشبه فكرة العود الأزلي عند نيتشه) . والعودة إلى أرض الميعاد فكرة قومية جماعية تلغي أيضاً المسئولية الخلقية والخلود الفردي للروح.
ب) لفهم عملية الخلاص وحدودها، لابد أن ندرك الهرمية الصارمة التي يتسم بها كل من العالم الغنوصي وعالم القبَّالاه. فالبشر الروحانيون (في المنظومة الغنوصية) يوجدون في قمة الهرم والنفسانيون في وسطه والجسمانيون في قاعدته، والاختلافات بينهم ليست اختلافات أخلاقية أو حتى معرفية وإنما اختلافات أنطولوجية. وفكرة الاختلاف الأنطولوجي بين اليهود والأغيار فكرة أساسية في القبَّالاه، فالأغيار مثل الجسمانيين والنفسانيين ليسوا بشراً، ومخطَّط الخلاص لا ينصرف إليهم. وأكدت القبَّالاه المفهوم النخبوي داخل اليهودية بالتركيز على مفهوم البقية الصالحة وهم نخبة الروحانيين أو نخبة النخبة، خير من في الشعب اليهودي.