ورغم كل التطورات التي دخلت على مفهوم الخلاص واتساع أبعاده، فإن البعد القومي الجماعي ظل واضحاً. فالعصر المشيحاني، أي عصر الخلاص بالدرجة الأولى، هو عصر عودة جماعة يسرائيل واسترجاع سيادته على الأرض وربما على العالم. وقد يشارك البشر كافة في عملية الخلاص هذه وقد لا يشاركون فيها. ولكن جماعة يسرائيل تظل، مع هذا، حجر الزاوية. وهناك رأي يذهب إلى أن الخلاص يتم على مرحلتين: الأولى وهي العصر المشيحاني حيث تعود جماعة يسرائيل إلى صهيون ويُبعث أتقياء اليهود للحياة الأزلية، ثم المرحلة الثانية حيث يُبعث الموتى جميعهم أتقياؤهم وأشرارهم للحساب النهائي، وهذه هي الآخرة.
والرؤية التلمودية للخلاص قومية في جوهرها إذ تظل جماعة يسرائيل محط اهتمام الخالق ومحور التاريخ. فحياة المنفى هي العقاب الذي قدَّره الإله على أعضاء هذه الجماعة بسبب بُعدهم عن عبادته الحقيقية وبسبب ما يقترفون من آثام. ولذا، فإن اليهود يُكفِّرون في المنفى عن ذنوبهم وسيخلصهم الإله في نهاية الأمر. لكن معصية جماعة يسرائيل هي السبب في تأخير عملية الخلاص النهائية، أي أن عملية الخلاص مرتبطة بسلوكهم، والمصير النهائي للعالم يتوقف على مصيرهم.
وأصبحت إعادة بناء الهيكل واستعادة العبادة القربانية صوراً أساسية مرتبطة بعملية الخلاص يهتم بها التلمود أيما اهتمام، كما سجل الحاخامات تفاصيلها حتى يمكن القيام بها في آخر الأيام في لحظة الخلاص. وسابعة الثماني عشرة بركة التي تُتلَى في صلاة العميدا تُدعى «بركة الخلاص» لأنها دعوة للإله مخلص يسرائيل، وهذه الرؤية مختلفة عن الرؤية المسيحية التي ترى أن الإنسان كائن ساقط يعاني من الخطيئة الأولى وأن أفعاله أياً ما بلغت من خير لا يمكنها أن تأتيه بالخلاص.