وإذا كان الشعب يمتزج بالأرض في النسق الحلولي، فإن الزمان المقدَّس (التاريخ اليهودي) يمتزج بالمكان المقدَّس (الأرض) . ويتبدَّى هذا في أن الأرض المقدَّسة هي أرض الميعاد، لأن الإله وعد إبراهيم وعاهده على أن تكون هذه الأرض لنسله. وهي أيضاً «أرض المعاد» التي سيعود إليها اليهود تحت قيادة الماشيَّح، أي الأرض التي ستشهد نهاية التاريخ. والأرض هي مركز الدنيا لأنها توجد في وسط العالم، تماماً كما يقف اليهود في وسط الأغيار وكما يشكل تاريخهم المقدَّس حجر الزاوية في تاريخ العالم وتشكل أعمالهم حجر الزاوية لخلاص العالم. فإذا كان الشعب اليهودي هو أمة الكهنة، فإن الأرض بمنزلة المعادل الجغرافي لهذا التصور. وليس التاريخ اليهودي، حسب التصورات الحلولية التقليدية أو الصهيونية، إلا تعبيراً عن الارتباط بالأرض، وهو في الواقع ارتباط يجمع بين التاريخ الحي والجغرافيا الثابتة، الأمر الذي يؤدي إلى إلغاء وجود اليهود التاريخي خارج فلسطين. فهو وجود خارج الأرض، وبالتالي خارج التاريخ. كما يُلغي تاريخ الأرض نفسها باعتبار أنها مكان مطلق منبت الصلة بالزمان، خاو على عروشه، ينتظر ساكنيه الأزليين المقدَّسين.