وتُستخدَم الكلمة أيضاً للإشارة إلى مخطوط أسفار موسى الخمسة المكتوب بخط اليد (لفائف الشريعة) ، والذي يُحفَظ في تابوت العهد في المعبد اليهودي. وكان الأطفال اليهود يتعلمون في الجيتو أن التوراة هي الشيء الوحيد الباقي، أما العالم فزائل، ولذا يجب على اليهودي أن ينفق كل وقته في دراستها، وأن هذا واجب ديني نص عليه العهد القديم. وفي واقع الأمر، لا يوجد مثل هذا النص لا في أسفار موسى الخمسة ولا في كتب الأنبياء، ويبدو أن فكرة دراسة التوراة ذات أصل يوناني. وقد قال أحد الفقهاء اليهود إن اليهود يعملون بالتجارة والربا، لأنهم بهذه الطريقة يحققون أرباحاً كبيرة سريعة دون أن يعملوا، وبذلك يتفرغون لدراسة التوراة.
على أن هذه الدراسة لا تهدف إلى الخروج من الذات وتحدِّيها، بقدر ما هي ضرب من عبادة الذات وتوثينها، إذ أننا نكتشف أن التوراة (مكتوبة وشفوية) ليست نتاج عبقرية الشعب فحسب، بل هي أيضاً «جماعة يسرائيل» ، وهما معاً يكوِّنان شيئاً واحداً. ومن الواضح أن هناك جوانب قومية للاهتمام اليهودي بالتوراة، كما هو الحال مع الأنماط الحلولية. فالحكمة ملك لكل الشعوب، أما التوراة فهي الكتاب المقدَّس لليهود وحدهم وهي مصدر الحياة بالنسبة إليهم والشاهد على عبقريتهم الدينية وعلى اتخاذهم كشعب مختار دون سائر أهل الأرض. وتحتوي الصلوات اليهودية على شكر للإله لإرساله التوراة إلى الشعب. وحينما يُنادَى على أحد المصلين ليقرأ أسفار موسى الخمسة، فإنه يقول:«مبارك الرب الذي خلقنا من أجل جلاله وفضَّلنا عمن ضلوا سواء السبيل، وأرسل لنا التوراة، وبذا غرس الحياة الأبدية وسطنا فليفتح الرب قلوبنا على التوراة» . وهكذا تكون التوراة تجسيداً لروح الإله، ولكنها في الوقت نفسه هي الشعب الذي هو بدوره تجسيد لروح الإله، أي أنها دائرة حلولية مقدَّسة مغلقة يعبِّر فيها كلٌّ من التوراة والشعب عن روح الإله بالدرجة نفسها.