ويُلاحَظ أن علاقة الدال بالمدلول داخل الإطار الحلولي تضطرب تماماً وتعكس الموقفين المتناقضين نفسيهما، فقد يلتصق الدال بالمدلول (التصاق أو تَوحُّد التوراة مع الإله) ليصبح الدال أو النص (مثل جسد الإله) مقدَّساً ويشمل كل شيء، أو العكس إذ يصبح الدال ظاهرياً جافاً منفصلاً عن مدلوله (الحقيقي) ومن ثم يفرض المفسر عليه أي معنى يشاء (وهذا يعني موت النص وهيمنة المفسر) . وفي التراث القبَّالي، كل شيء انعكاس لشيء آخر بسبب اختفاء الحدود في النسق الحلولي وذوبان الكل في الجزء واختفاء الثغرة، ولذا يمكن أن يدل أي دال على أي مدلول. كما أن الرمز، لهذا السبب، يصبح أحياناً هو المعنى نفسه (مثل الصليب أو الأيقونة) . وثمة تشابه بين هذه الطريقة في التفسير وبين بعض أطروحات المدرسة التفكيكية التي أسسها جاك دريدا، وخصوصاً مفهوم «لا ديفيرانس La differance» ، وهي كلمة مركبة تفيد الاختلاف والإرجاء، أي أن كل دال مختلف عن أي دال آخر، ومع هذا فهو على صلة بكل الدوال الأخرى فمعناه النهائي مختلف ومرجأ، ولذا نعبِّر عن هذا المفهوم بكلمة «الإخترجلاف» . وفي كلتا الحالتين، يحاول المفسر أن يصل إلى المعنى الباطني وهو الغنوص الكامل الذي يمكن التحكم من خلاله في الإله ومن ثم في الكون.