وقد بدأ نقد العهد القديم على يد المؤلف اليهودي القرّائي (حيوي البلخي) الذي عاش في القرن التاسع. وقد ظهرت محاولات متفرقة هنا وهناك، أهمها دراسة إسحق أبرابانيل (١٤٤٧ ـ ١٥٠٨) الذي قدَّم أول دراسة علمية لنصوص العهد القديم. كما أن ابن حزم الأندلسي وبعض الدارسين المسلمين القدامى لاحظوا أن ما ينسبه العهد القديم إلى الأنبياء من جرائم، يُعدُّ دخيلاً على النص الأصلي. ولكن العلم نفسه، بالمعنى الحديث، بدأ مع الفيلسوف اليهودي إسبينوزا الذي قال بأن أسفار موسى ليست من تأليف موسى، وأن عزرا مؤلفها الحقيقي. وبعد ذلك، تتالى العلماء الغربيون في دراسة العهد القديم من وجهة نظر نقدية. وكان أول الكتب لجان إستروك الأستاذ في جامعة باريس عام ١٧٥٣، وتبعه كتاب ج. آيتشورن عام ١٧٧٩، وهناك آخرون بينوا مصادر العهد القديم المختلفة، ولم يبق سوى تبيان تتاليها التاريخي، وهو ما أنجزه فون جراف عام ١٨٦٦، وفلهاوزن (١٨٧٦ـ ١٨٧٨) ، وكونهيل. ويُلاحَظ أن هؤلاء الثلاثة من أشهر علماء الإسلاميات في الغرب، ولابد أن النقد القرآني للتحريفات التي وردت في التوراة، كان دافعاً لدراستهم النقدية. وقد انضم إليهم آخرون، من بينهم جايجر (أحد مؤسسي اليهودية الإصلاحية) وجراييتس وكاوفمان وكوهلر. وظهر علم اليهودية الذي يحاول اكتشاف الأسس التاريخية للنصوص المقدَّسة.
وقد استخدم نقاد العهد القديم في دراساتهم المعايير التالية:
١ ـ التناقض في الأجزاء التشريعية: وكما هو واضح في الحكمة من فرض شريعة السبت، فقد ورد مرة أنه فُرض "لأن الرب استراح في اليوم السابع بعد أن خلق السماوات والأرض"(خروج ٢٠/١١) . أما في سفر التثنية، فلا يوجد ذكر للخلق، وإنما الإشارة إلى الخروج من مصر (تثنية ٥/١٢ ـ ١٥) .