للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ ويُلاحَظ كذلك الاختلاط في ملك مثل داود الذي ارتكب عدداً لا بأس به من الذنوب ومع هذا ارتبط اسمه بالنبوة أيضاً، حيث تُنسَب إليه المزامير، كما أن الماشيَّح (نبي الأنبياء) سيكون من نسله. وثمة إشارة مبهمة في مزمور ١٦/٨ ـ ١١ توحي بعلاقة داود الخاصة للغاية مع الإله وتضعه تقريباً في مصاف الأنبياء. أما سليمان الغَزل، الذي سمح لزوجاته الوثنيات العديدات بإحضار آلهتهن معهن، فهو منشد نشيد الأنشاد أحد الكتب الدينية اليهودية (ولكن يبدو أن النبوة لم تُنسَب له قط) .

ونحن لو دققنا، لوجدنا أن نبوة داود هي في واقع الأمر تعبير عن مؤسسة الملكية المقدَّسة، على نمط الحلوليات القديمة في الشرق الأدنى القديم حيث يتم الحلول داخل شخص الملك الذي هو أيضاً الكاهن الأعظم.

٣ ـ كان الأنبياء الأولون يتحركون داخل نطاق البلاط الملكي، الأمر الذي يعني تداخل القومي والديني وارتباط مؤسسة الملكية بالعقيدة الدينية. وكان الملوك والملكات يطلبون المشورة والنصح من الأنبياء نظير أجر يبلغ، في بعض الأحيان، ربع شيكل. وقد لعب هؤلاء الأنبياء الأولون دوراً سياسياً مهماً، فكانوا يطلقون نبوءات سياسية. كما أن صموئيل مثلاً عيَّن شاؤول ملكاً على العبرانيين، ثم عيَّن من بعده داود، وكان دور ناتان في بلاط داود نشيطاً وفعالاً. ويصل هذا التوحد بين القومي والمقدَّس إلى قمته حين يصبح الشعب اليهودي بأسره أمة من الكهنة والقديسين والأنبياء والمشحاء المخلصين، فعضو جماعة يسرائيل يوصف بأنه «خادم الإله» و «كنز الإله الغالي» ، وهذه أوصاف تُستخدَم لوصف الأنبياء وحدهم، أي أن اختلاط المجال الدلالي هنا يصبح كاملاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>