٢ ـ ويرى الدكتور أحمد خليفة أن التاريخ الذي يقدمه الإسلام للأنبياء هو تاريخ لكل الأنبياء والرسل باختلاف أزمنتهم وأمكنتهم وأجناسهم ولغاتهم، بينما التاريخ الذي يقدمه التراث اليهودي للأنبياء هو تاريخ خاص قد تختلف فيه أزمنة الأنبياء ولكن تتحد فيه أمكنتهم وجنسهم ولغتهم (فالمكان هو فلسطين، والجنس هو العبرانيون، واللغة هي العبرية) .
٣ ـ ويذكر الدكتور علي وافي أن ثمة اختلافاً جوهرياً في بنية القصص في أسفار العهد القديم وقصص القرآن الكريم، فأسفار العهد القديم قد تناولت كل قصة من قصص الأنبياء في صورة سلسلة كاملة من الأجزاء مترابطة الحوادث (كما تفعل كتب التاريخ) وتناولتها لغرض تاريخي بحت. على حين أن القرآن يكتفي بذكر مواقف من هذه القصص، باستثناء قصة يوسف، ولكنه على كل حال لا يذكرها للتاريخ وإنما يذكرها للعظة والذكرى على وجه الخصوص وبحسب المناسبات. فقد يذكر القرآن موقفاً من قصة لمناسبة خاصة، ثم يذكر موقفاً آخر من القصة نفسها في سورة أخرى لمناسبة أخرى.
وعلى هذا الأساس، يجب على القارئ المسلم أن يميز بين أنبياء اليهود والأنبياء الذين يرد ذكرهم في القرآن، حتى لو حملوا نفس الاسم. فموسى (موشيه) القائد الحربي «القومي» ليس هو سيدنا موسى عليه السلام. وداود (ديفيد) قاطع الطريق والملك ليس هو سيدنا داود عليه السلام. وسليمان (شلومو) قاتل منافسيه ليس هو سيدنا سليمان عليه السلام. فرغم الاتفاق في الأسماء وفي بعض تفاصيل القصص، فإن السياق والبناء العقائدي والديني والقصصي الذي ترد فيه هذه الأسماء يختلف اختلافاً جوهرياً، والسياق والبناء وحده هو الذي يحدد المعنى العام والشامل.