وتتضح الخاصية الجيولوجية اليهودية في التلمود، فهو يضم داخله وجهات نظر شتى متناقضة تماماً، فهو عبارة عن موسوعة تتضمن الدين والشريعة والتأملات الميتافيزيقية والتاريخ والآداب والعلوم الطبيعية. كما يتضمن، علاوة على ذلك، فصولاً في الزراعة وفلاحة البساتين والصناعة والمهن والتجارة والربا والضرائب وقوانين الملكية والرق والميراث وأسرار الأعداد والفلك والتنجيم والقصص الشعبي، بل ويغطي مختلف جوانب حياة اليهودي الخاصة، أي أنه كتاب جامع مانع بشكل لا يكاد يدع للفرد اليهودي حرية الاختيار في أي وجه من وجوه النشاط في حياته العامة أو الخاصة، إن هو أراد تطبيق ما جاء فيه. ويشيرون إلى التلمود بعبارة «كلُّ بو»(أي: كلٌّ به) ، فهو يشتمل على كل ما يَعنُّ لليهودي أن يسأل عنه من شريعة دينه.
والواقع أن التلمود ليس من الكتب الباطنية أو تلك التي تحيط بها هالة من السرية والغرابة والإخفاء (كما يتوهم البعض) . وهناك نسخ منه في معظم المكتبات الجامعية المتخصصة في الولايات المتحدة وفي بعض مكتبات مراكز البحوث أو الجامعات في الدول العربية. ويُلاحَظ أن التلمود كتاب ضخم متعدِّد الأجزاء، مجلداته كثيرة وضخمة تصل في بعض الطبعات إلى ما يزيد على عشرين مجلداً. لكن هناك طبعة «إفري مانز تلمود Everyman's Talmud» المختصرة.
وهناك تلمودان:
١ ـ التلمودالفلسطيني: وينسبه اليهود خطأً إلى أورشليم (القدس) فيقولون «الأورشليمي» ، ذلك مع أن القدس خلت من المدارس الدينية بعد هدم الهيكل الثاني، وانتقل الحاخامات إلى إنشاء مدارسهم في يفنه وصفورية وطبرية. كما أطلق يهود العراق على التلمود الفلسطيني اسم «تلمود أرض يسرائيل» ، وأطلقوا عليه أحياناً اسم «تلمود أهل الغرب» نظراً لوقوع فلسطين إلى الغرب من العراق.