ويمكننا القول بأن التصوف اليهودي (على وجه العموم) من النمط الحلولي وأنه ذو اتجاه غنوصي قوي. فالمتصوف اليهودي لا يتجه نحو تطويع الذات الإنسانية الفردية وخدمة الإله، وإنما يحاول الوصول إلى فَهْم طبيعة الإله من خلال التأمل والمعرفة الإشراقية الكونية (الغنوص أو العرفان) بهدف التأثير في الإله والتحكم الإمبريالي في الواقع. ومن هنا، كان ارتباط التصوف اليهودي أو القبَّالاه بالسحر، ومن هنا أيضاً كانت علاقة السحر بالعلم والغنوصية. وقد وصف العالم جيرشوم شوليم الصوفية اليهودية بأنها «ثيو صوفية» ، أي أنها معرفة الإله من خلال التأمل والمعرفة الإشراقية الكونية (الغنوص) أو العرفان. ومن ثم، فهي تبتعد عن التمرينات الصوفية وعمليات الزهد ومحاولة الذوبان أو إفناء الذات الإنسانية في الذات الإلهية. ولكن هذا الوصف ليست له مقدرة تفسيرية عالية، فالتصوف اليهودي الحلولي يتجه نحو الاتحاد مع الإله والالتصاق به (ديفيقوت) ، وهو اتحاد يؤدي إلى وحدة الوجود (ووحدة الوجود يُفترض أنها تؤدي إلى الكشف الصوفي لطبيعة الإله وإمكانية التواصل معه ثم التحكم فيه!) . ولعل سمة التصوف اليهودي الأساسية أنه يدور في معظمه في إطار حلولي، الأمر الذي يجعله يختلف عن التصوف الذي يدور في إطار توحيدي. ولذا، فنحن نؤثر أن نشير إلى التصوف اليهودي بكلمة «قبَّالاه» ، فهي أكثر دقة وتفسيرية.