للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أهم أعضاء هذه المجموعة إسحق لوريا الذي طوَّر المفاهيم القبَّالية فيما سُمِّي «القبَّالاه اللوريانية» ، مقابل القبَّالاه التي سبقتها، أي القبَّالاه النبوية أو قبَّالاة الزوهار. ولعل أهم إسهامات لوريا مفهومه الخاص عن الشرارات الإلهية المتناثرة والمتبعثرة (نيتسوتسوت) ومن ضمنها مشاركة الإنسان اليهودي الحَرْفية مع الإله (وليس المجازية) في عملية الخلاص الكونية، وعودة جماعة يسرائيل وانتصارها كخطوة أساسية في هذه العملية. وقد ربطت هذه المفاهيم بين النزعة المشيحانية والنزعة الصوفية رغم تناقضهما الظاهري. فإذا كانت النزعة الصوفية الباطنية الحلولية تلجأ إلى التأمل والزهد لاكتشاف الأسرار الإلهية (وبالتالي، فإن توجُّهها المبدئي داخلي بهدف السيطرة الإمبريالية الفردية على الكون) ، فإن النزعة المشيحانية تنعكس في التاريخ مباشرةً، أي في العالم الخارجي، بهدف السيطرة الإمبريالية القومية أو الجماعية على الكون. ولكن لوريا ربط التدريبات الصوفية (الفردية الباطنية الداخلية التي يقوم بها اليهودي بمفرده) بعملية استرجاع الشرارات الإلهية وعملية خلاص الإنسان وخلاص الكون التي يقوم بها اليهود كشعب، ثم ربط كل هذا بعملية الاسترجاع المشيحاني والقومي لجماعة يسرائيل. فكأن لوريا جعل الطبقة الحلولية تعبِّر مرة أخرى عن نفسها على المستوى القومي بدلاً من المستوى الفردي. ومن هنا، كان التفجر الكامن في الصيغة الصوفية المشيحانية لما يُسمَّى «القبَّالاه اللوريانية» (التي يسميها جيرشوم شوليم «القبَّالاه المشيحانية» ) ، وهو ما ساعد على ظهور الحركات المشيحانية المتتالية ابتداءً من شبتاي تسفي، والتي لا يمكن فهمها أو فهم أنساقها الرمزية إلا في إطار القبَّالاه اللوريانية التي سيطرت على اليهود ابتداءً من القرن السادس عشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>