للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صدرت كل التجلّيات عن الإين سوف الذي هو أيضاً الآيين، أي «العدم» ، والذي يمكن أن نترجمه بعبارة «الإله الخفي» ، وهو إله لا يمكن إدراكه ولا الصلاة له. أما التجلّيات النورانية، فهي تجليات ذاتية له، وفيض منه، وهي طريقه إلى أن يخلق نفسه. وقد كان يُنظَر أحياناً إلى التجلِّيات باعتبارها جزء لا يتجزأ من جوهر الإله، وأن مراحل التجلي تمت داخل الذات الإلهية. ولكن الرأي الغالب هو أن يُنظَر إليها باعتبارها أوعية منفصلة عنه يفيض فيها. وهذا يبين تذبذب القبَّاليين بين الرؤية التوحيدية التي ترى الإله جوهراً واحداً لا يتجزأ والرؤية الثنوية التي تقبل التعددية، وإن أدركت القبَّالاه الوحدة فهي وحدة أحادية حلولية مادية. والتجلّيات النورانية العشرة تقابلها تجلّيات عشرة مظلمة، هي السترا أحرا، وهي تجليات اليسار التي استقلت عن الذات الإلهية.

وعلاقة كل تجلٍّ نوراني (سفيراه) بسائر التجلّيات موضع دراسة مستفيضة من القبَّاليين، إذ يُنظَر إلى هذه التجلّيات باعتبارها متصلةً بعضها بالبعض الآخر، من خلال الشيفع، أي الفيض، فتسري فيه الرحمة الإلهية وكأنها النهر. وأهم العلاقات بين التجلّيات علاقة التجلي السادس بالعاشر. فالتجلي السادس، وهو مركز النظام القبَّالي كله، يتلقى فيض القوى العليا، وينسقها ويرسلها إلى القوى السفلى، ويجسد المقدرة الإبداعية الحيوية للتجليات ويعبِّر عنها من خلال الرموز الأساسية للذكورة، فهو كما أسلفنا الشمس والملك والعريس. أما التجلي العاشر، أي الملكوت، فهو الشخيناه أو التعبير الأنثوي عن الخالق، وهي الرحمة والقمر والملكة والعروس. ولكن، رغم أن التجلي العاشر يقع أسفل باقي التجلِّيات، فإنه ذو اليد الطولى في علاقته بالعالم السفلي (البشري) ، فيتم تأكيد جوانبه الملكية، ويصبح هو الأم التي تتلقى سيل الرحمة التي تفيض من أعلى (من التجلي السادس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>