وقبل أن ننتقل إلى الحديث عن إصلاح هذا الخلل ورأب هذا الصدع، لابد أن نؤكد فكرة التقابل القبَّالية، وهي تقابل كل الأشياء واللحظات نتيجة توحُّدها النهائي. فالعالم العلوي يشبه العالم السفلي، والإله يشبه مخلوقاته، وعملية الخلق والتبعثر هي مقلوب عملية الخلاص، وطريق النهاية هو طريق البداية. ويقابل عملية الفيض الإلهي عمليات كونية مماثلة تغمر أربعة عوالم مختلفة. والنفس البشرية تشبه الذات الإلهية، ومستوياتها تشبه التجليات المختلفة، ولحظة التشتت الإلهية تشبه لحظة التشتت الفردية، ونفي الشخيناه يشبه نفي الشعب (ويُلاحَظ أن فكرة التقابل تُسقط فكرة الزمان والتتالي والاختلاف تماماً، فهي فكرة هندسية دائرية تحوِّل الزمان إلى ما يشبه المكان والبدايات تشبه النهايات) . كما أن إصلاح الخلل الكوني، وعودة كل شيء إلى مكانه، وإنهاء حالة النفي الكونية، وخلاص الإله بل لادته ووجوده من جديد، هي عملية يُطلَق عليها الإصلاح (تيقون) ، وهي عملية تخليص الشرارت الإلهية المبعثرة من اللحاء أو المحارات (قليبوت) . وهي عملية كونية تاريخية باطنية شاملة يشارك فيها الإنسان ولكنها تعتمد بالدرجة الأولى على جماعة يسرائيل، فاليهودي الذي يعرف التوراة ومعناها الباطني (وينفذ الأوامر والنواهي ويتلو الصلوات) بوسعه أن يسرع بعملية الإصلاح (تيقوُّن) ، أي عملية ولادة الإله، كما أن بوسعه أيضاً أن يوقفها إذا هو أهمل تنفيذ الأوامر والنواهي وإقامة الصلوات. وهذا من الممكن إنجازه نظراً لتقابل العالم السفلي والعالم العلوي، والتأثير في العالم العلوي من خلال أفعال يقوم بها الإنسان (اليهودي) في العالم السفلي. لكن عملية الإصلاح تدريجية، وهي تُتوَّج بظهور الماشيَّح وبعودة جماعة يسرائيل من المنفى إلى فلسطين، ومن هناك فإنه سيحكم العالم، وستسود جماعة يسرائيل على العالمين، هذا هو الجانب التاريخي. وإذا كانت حالة النفي مرتبطة بالانكماش والحدود والفرائض