ويجب التمييز بين هذه الحوادث وأحداث أخرى في العهد القديم، خصوصاً في كتب الأنبياء، حيث يتنبأ الأنبياء لا كالعرافين والسحرة، وإنما انطلاقاً من إيمانهم بالإله الواحد ومعرفتهم لا بإرادته وإنما بنسقه الأخلاقي، فهو حتماً سيعاقب المذنبين ويثيب التائبين. وبالتالي، فإن التنبؤات الخاصة بسقوط القدس ليست عمليات تنجيم وإنما هي ما يمكن تسميته بـ «النذير» . ويمكن رؤية معجزات الأنبياء والرسل في الإطار نفسه، فهي ليست تحدياً بشرياً للإرادة الإلهية بقدر ما هي تدخُّل إلهي يخرق سنن الطبيعة لتوصيل رسالة ما للبشر. والشعائر التي يقوم بها المؤمن تختلف تماماً عن الشعائر السحرية، فالشعائر التي يقوم بها المؤمن تهدف إلى إظهار طاعة المخلوق لخالقه ومحاولته التقرب منه، وجوهرها أن تتنازل الإرادة الإنسانية للإرادة الإلهية. أما الشعائر في الإطار السحري، فهي تهدف إلى التقرب من الإله ثم تحويل إرادته. ولعل هذا هو السبب في تأكيد الصراع بين يوسف وسحرة مصر (تكوين ٤١) ودانيال والسحرة في البلاط البابلي (دانيال٢) والصراع بين موسى وهارون من ناحية وعرافي مصر وسحرتها من ناحية أخرى (خروج ٧) ، حيث يستخدم سحرة مصر سحرهم الخفي، أما موسى فيستغيث بالله الذي يغيثه. ولهذا، فإن نبوءات الأنبياء ومعجزاتهم والشعائر التي يؤديها المؤمنون مختلفة تماماً عن السحر والشعائر التي يقوم بها السحرة، بل تقف على النقيض منها.