ولأن السلعة شيء، فإن التَسلُّع قد يعني أيضاً التَشيُّؤ. فالتَشيُّؤ معناه أن يتحول الإنسان إلى شيء، تتمركز أحلامه حول الأشياء ولا يتجاوز هو السطح المادي وعالم الأشياء، وتصبح العلاقات بين البشر مثل العلاقات بين الأشياء. أما التَوثُّن، فإنه يعني أن تصبح السلعة والشيء مركز الكون والوثن الأعظم الذي يعبده الإنسان. والتَسلُّع والتَشيُّؤ والتَوثُّن تعني، كلها، أن الإنسان يُحيِّد إنسانيته المُتعيِّنة فيسقط إما في عالم الأشياء (والسلع) المادية والذات الطبيعية المادية ويفقد إنسانيته المركبة (الربانية) ، أو يذوب في مطلقات لا إنسانية مجردة (المطلق العلماني: الطبيعة/المادة، والتنويعات عليه: الدولة ـ السوق ـ الإنتاج ـ الاستهلاك) ويفقد أيضاً إنسانيته.
والتَسلُّع والتَشيُّؤ والتَوثُّن تعني نزع القداسة عن الإنسان والطبيعة وإخضاعهما للواحدية المادية وتَحوُّل العالم إلى مادة واحدة استعمالية بعد الهيمنة الإمبريالية الكاملة عليه. وهذه هي عملية الترشيد والتحديث، حين يُجرَد الإنسان ذاته ويقبل المجردات اللاإنسانية ويذعن لها.