لكن عملية التحويل هذه ليست عسيرة في إطار الحلولية اليهودية إذ يُلاحَظ أن كل الأعياد اليهودية ابتداءً من عيد الفصح، مروراً بعيد الخروج من مصر، وانتهاءً بعيد الاستقلال (عيد إنشاء الدولة الصهيونية) ، هي أعياد دينية قومية تتداخل فيها القيم الأخلاقية والقيم القومية، والقيم المطلقة والقيم النسبية. والملاحَظ أن تداخل العناصر الدينية مع العناصر القومية يقابله تداخل آخر هو تداخل الطبيعة والتاريخ. ولعل هذا تعبير آخر عن التركيب الجيولوجي اليهودي الذي تتراكم داخله طبقات وعناصر عديدة، فقد تداخلت عبادة يهوه (إله التاريخ) التي تتجه نحو التوحيد وعبادة بعل (إله الطبيعة) التي تميل نحو الحلولية. وتداخلت من ثم أعياد العبادتين وامتزجت. كما أن تداخل الطبيعة والتاريخ في الأعياد اليهودية هو أيضاً تعبير عن الطبقة الحلولية التي هي بدورها تعبير عن الواحدية المادية الكونية التي ترد كل شيء إلى مستوى واحد. فالإله يحل في كل شيء؛ في التاريخ اليهودي والطبيعة ويساوي بينهما، وهو ما يجعل الزمن الطبيعي يرتبط بالزمن أو التاريخ اليهودي، وهذا ما يجعل معظم الأعياد الدينية مرتبطاً بدورة الطبيعة.